شهدت السدود المغربية خلال الأيام الماضية تحسناً ملفتاً في مخزونها المائي، مدفوعاً بالتساقطات المطرية الغزيرة التي عمّت مختلف جهات المملكة.

هذا التحسن أثمر عن ارتفاع نسبة الملء الإجمالية لتتجاوز مستويات الفترة المماثلة من العام الماضي، وهو ما يبعث على التفاؤل في مواجهة تحديات ندرة المياه المتواصلة.

​قفزة في المخزون الوطني

​وفقاً للمعطيات الصادرة عن المديرية العامة لهندسة المياه، ارتفعت نسبة الملء الإجمالية للسدود إلى 31,20%، متفوقة بذلك على نسبة 29,30% المسجلة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.

خلال الأسبوع الممتد بين 13 و21 نونبر، سجلت الأحواض المائية واردات ضخمة ناهزت 5 مليارات و230,07 مليون متر مكعب، ما رفع المخزون الوطني الإجمالي إلى 5234,80 مليون متر مكعب.

هذه الأرقام تعني تحقيق زيادة قُدرت بحوالي 74 مليون متر مكعب خلال أسبوع واحد فقط، ما يؤكد الأثر الفوري والفعال للتساقطات الأخيرة.

​سد الوحدة في الصدارة والأحواض الشمالية مستقرة

​ظلّ سد الوحدة، الذي يُعدّ أكبر منشأة مائية بالمغرب وثاني أكبر سد في إفريقيا، يسجل منحى تصاعدياً في نسبة الملء.

حيث بلغت نسبته 41,85%، وهو ما يعادل حوالي 1,474 مليار متر مكعب من أصل طاقته الاستعابية البالغة 3,52 مليارات متر مكعب.

كما حافظت معظم السدود الواقعة شمال البلاد، وتحديداً في أحواض اللوكوس وسبو وأبي رقراق، على مستويات ملء مرتفعة ومستقرة، مؤكدةً على استمرار الأداء الإيجابي لهذه المناطق التي عادة ما تكون الأكثر استفادة من الأمطار.

​تحسن ملحوظ في الجنوب والوسط

​رغم التحديات التي تواجهها الأحواض الجنوبية والوسطى، سجلت هذه المناطق بدورها تحسناً ملحوظاً، ففي حوض سوس-ماسة ارتفع مخزونه من 16,04% إلى 19,30%، بزيادة بلغت 24 مليون متر مكعب، وفي حوض تانسيفت قفزت نسبة ملئه من 36,36% إلى 42,81%، بزيادة بلغت 15 مليون متر مكعب.

أما حوض أبي رقراق فسجل زيادة طفيفة ومهمة، مرتفعاً من 63,55% إلى 64,46% (+10 ملايين متر مكعب). أما حوض أم الربيع، الذي يعاني من وضع مائي صعب، فقد سجل ارتفاعاً محدوداً من 8,63% إلى 8,85%، وهو ما يُعتبر مؤشراً إيجابياً طال انتظاره.

وفي المقابل، لم يطرأ تغيير كبير على الأحواض الشرقية والجنوبية الشرقية (مثل ملوية وزيز-كير-غريس ودرعة–واد نون)، حيث ظلت نسب الملء تعرف استقراراً أو تراجعاً طفيفاً، ما يتطلب استمرار اليقظة بخصوص هذه المناطق.

​الثلوج.. دعم حيوي للفرشات الجوفية والفلاحة

​لم تقتصر المكاسب على الأمطار فحسب، بل شملت مناطق جبلية عديدة تساقطات ثلجية مهمة، خصوصاً في إفران (ميشليفن وجبل حيان) ومرتفعات إملشيل وجبال بويبلان ومناطق من الحوز.

من المتوقع أن يكون لهذه الثلوج وقع إيجابي مزدوج، فهي تُعدّ بمثابة “خزان طبيعي” للمياه، حيث ستساهم ذوبانها التدريجي في دعم الفرشات الجوفية وتعزيز الموارد المائية للقطاع الفلاحي خلال الأسابيع والأشهر القادمة.

​تأكيد رسمي على “الأثر الإيجابي”

​في تعليقها على الوضع، أكدت وزارة التجهيز والماء، عبر منصتها “الما ديالنا”، أن هذه المؤشرات تعكس الأثر الإيجابي والحيوي للأمطار الأخيرة في تعزيز الموارد المائية وضمان حاجيات الشرب والسقي.

هذا التحسن يمثل دفعة قوية للبلاد في سعيها المتواصل لمواجهة التحديات الهيكلية لندرة المياه.

إدريس لكبيش / Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *