سيدي ربيع الخليع المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية بالمملكة المغربية الشريفة.
أنا الٱن في هذه اللحظة، التي تشير فيها الساعة إلى العاشرة وأربع دقائق صباحا من يومه الاثنين 18 غشت 2025، في محطة قطار طنجة المدينة، جالس أنتظر في قاعة الانتظار (Lounge) قطار البراق الذي سيخرج من المحطة في الساعة 11 صباحا.
كنت أرغب سيدي أن اسافر نحو مدينة الرباط لقضاء غرض حيوي، في القطار الذي يخرج في الساعة العاشرة صباحا، وقمت بكل الترتيبات كي أخرج من بيتي في وقت مبكر كي أصل المحطة وأشتري التذكرة لأن اقتناء التذكرة عبر الإنترنت غير ممكن بالنسبة إلى الذين لديهم بطاقات تخفيضات السفر عبر القطار، والسبب هو أن موقع شراء التذاكر من موقع المكتب الوطني للسكك الحديدية لا يسمح بهذه الخدمة نظرا لعطب طال أمده ولم يتم إصلاحه الف إلى الٱن.
سيدي ربيع الخليع.
كنت كتبت سابقا مقالا عنك بعنوان “عندما كان يجمعنا الكاطريام” تجده منشورا في عدد من الجرائد الإلكترونية إن بحثت عن عنوانه في الإنترنت، وكنت قد تذكرت في ذاك المقال تلك الفترة الجميلة من حياتنا في سنة 1982، ونحن حينها شباب يافع، عندما كنا ندرس أنا وأنت في نفس الفوج من السنة الأولى في المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، التي كان قد تم تحويل نظامها في تلك السنة إلى نظام شبه عسكري، وحين كنت أركب قطار الدرجة الرابعة المسمى “الكاطريام”من محطة مولاي المهدي بمدينة القصر الكبير متوجها إلى الرباط في نهاية العطل، فأجدك راكبا في الدرجة نفسها بعد أن ركبت القطار من طنجة، مدينتك ومسقط رأسك، متوجها أنت كذلك إلى المدرسة المحمدية للمهندسين في حي ابن سينا بحي أكدال بالرباط.
في ذاك المقال أشدت بالتقدم الهائل الذي شهده المغرب في مجال النقل السككي من خلال قطارات البراق الرائعة التي أصبح ممكنا من خلالها أن أذهب من طنجة إلى الدار البيضاء في مدة ساعتين وعشر دقائق، ومن طنجة إلى الرباط في ساعة وعشرين دقيقة، في ظروف سفر مريحة لا يعكرها أحيانا سوى الأصوات المزعجة لبعض المسافرين في الدرجة الأولى الذين يتحدثون بأصوات مرتفعة في هواتفهم ويفرضون على كل من في المقصورة أن يتابع قصصهم الشخصية وحكاياتهم المهنية ومشاكلهم العائلية.
نعم، أشدت بما تحقق من تطور في مجال النقل السككي في فترة انت فيها هو المسؤول عن تسيير وتدبير أمور القطارات في المغرب.
لكني اليوم غاضب.
غاضب جدا.
كيف في زمن أصبحت فيه الرقمنة والتجارة الإلكترونية هما الأساس لكل اقتصادات بلدان العالم، ليس ممكنا لي أن أقتني تذكرة القطار عبر الإنترنت، بعد محاولات كثيرة، ومنذ ثلاثة أيام؟
كيف أنني كنت قبل أيام قليلة في أوروبا أشتري تذاكر الحافلات عبر الإنترنت وأسافرمن مدينة إلى مدينة بواسطة بطاقة بنكية، وبطريقة سهلة ويسيرة، ولا أستطيع أن أقوم بذلك في القطارات المغربية، التي يشرف عليها مهندس دولة كبير وذكي ومجتهد، متخصص في الهندسة المدنية، مثلك؟
هل أنت راضٓ عن هذا الوضع؟
هل يرضيك مواطن مثلي، تجاوز الستين من عمره مثلك، لم يتمكن من اقتناء تذكرة القطار عن طريق الإنترنت في زمن الرقمنة والإنترنت، وأتى في الصباح الباكر كي يقتنيها من محطة طنجة المدينة، فوجد جحافل من المواطنين في صف طويل ينتظرون دورهم أمام ثلاثة شبابيك، وحين وصل دوري قبل لي بأنه غير ممكن أن أسافر في قطار الساعة العاشرة لأنه قد امتلأ، وأنه يلزمني إن أردت السفر أن ٱخذ قطار الساعة الموالية؟
هل من العادي أنني منذ ثلاثة أيام وأنا أحاول أن أحجز تذكرة الساعة العاشرة، لأجد نفسي مضطرا اليوم أن أسافر في قطار الساعة 11 لأن موقع المكتب الوطني للسكك الحديدية معطل، ولا يسمح بشراء التذاكر؟
لا أريد ان أقول لك سيدي بأن هذا الأمر عيب وغير مقبول، لأنك تعرف ذلك.
نعم تعرف ذلك، بحكم أنك ذكي.
إنك تفهم أن مثل هذه الأمور لا ينبغي أن تحدث في بلدنا، زمن نتطلع فيه إلى أن نكون في مستوى الرهانات والتحديات الكبرى التي نحن نقبلون على مواجهتها. لذا، المطلوب منك سيدي، أن تتفضل بالقيام بالواجب الملقى على عاتقك.
لديك مسؤولية وطنية كبرى.
وأنا أعرف أنك قادر على حل مثل هذه المشاكل البسيطة التي من العيب أن تحدث في بلدنا. .
هيا سيدي!.
بادر بإصلاح ما يمكن إصلاحه الله يجازيك بخير.
وهذا ما كان.
أحمد الدافري كاتب صحفي
