يبدو أن “البيجيدي” قد بدأ فعلياً في تجهيز خيام العزاء، لكن هذه المرة ليس لـ”شهيد” سقط في معركة “الإصلاح”، بل لـ”شهيد” يوشك أن يولد وهو “النائب الشاب المستقل”!..
فمنذ أن أعلن الديوان الملكي عن التوجه الإصلاحي الجديد الذي يفتح الباب للشباب (أقل من 35 سنة) للترشح بدون “تزكية” حزبية، ويمنحهم دعماً مالياً سخياً يغطي 75 بالمائة من مصاريف حملاتهم، والأجواء في مقر الحزب تشبه مشهد الوداع الأخير لـ”ريع” طالما اعتبروه حقاً مكتسباً.
إنها “مندبة مكتملة الأوصاف”، كما وصفها البعض، فبينما كان الحزب منهمكاً في تعداد “مناضليه” و”قواعده” و”أصواته الجاهزة”، جاء القرار ليقول للشباب: “لا تحتاجون لـ”مفتاح” لفتح باب البرلمان، ولا لـ”حارس” اسمه ‘البيجيدي'”.
والأكثر إيلاماً، أن الدولة تكفلت بـ 75 بالمائة من تكاليف “الدفن السياسي” للمحتكرين!
وفي خضم هذه الكارثة “الانتخابية”، انتصب عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للحزب، خطيباً باكياً بـ”شفاه ترتجف وأياد ترتعد”، ليُلقي بياناً يدافع فيه عن “قُدسية” الأحزاب و”جدرانها العازلة”، زاعماً أن الترشح المستقل سيقوض الأدوار الدستورية للأحزاب.
وكأنه يقول: “الدستور كتب ليضمن لنا احتكار الديمقراطية، وليس لفتحها أمام أي شاب جريء يملك فكرة و25 بالمائة من ميزانية الحملة!”.
لقد نسي بوانو أن الدستور يمنح حق الترشح لكل مواطن دون الحاجة لـ”تزكية” تخرج من قفص حديدي؟..
لكن، لنكن منصفين، فـ”البيجيدي” محق في تخوفه، فكيف لحزب اعتاد على “الولاء المطلق” و”التنظيم المغلق” أن يتعايش مع شباب “لا قيد لهم ولا شرط”، يرقصون على أنغام حملاتهم بـ 75 بالمائة من التمويل الحكومي، دون أن يضطروا لـ”تقبيل الأيادي” أو اجتياز “امتحانات الولاء” الحزبية؟..
في الختام، يبدو أن البيجيدي اكتشف فجأة أن “الحقل” السياسي يمتلك شباباً لا يريدون “يافطة” حزبية، بل يريدون فقط “جيباً” مالياً مدعوماً بـ 75 بالمائة ليدخلوا البرلمان، ويتركوا “قيدوم البرلمانيين” يفتتح الاجتماعات الأسبوعية وهو يندب حظه على زمن كان فيه احتكار التزكية هو جواز السفر الوحيد نحو “القبة”!..
إدريس لكبيش/ Le12.ma
