متابعة -le12.ma

قال عبد الإله طاطوش، الكاتب الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، إنّ قرار النيابة العامة المكلفة بجرائم الأموال في حق عمدة مراكش “قرار شجاع”، إذ “اتّخِذ رغم الضغوط من كل الجهات”.

وأبرزت الجمعية، وفق مصادر إعلامية محلية، أن “فضيحة الصفقات التفاوضية تتجاوز قضية اختلاس أو تبديد المال العامّ، لأنها تتعلق بقضية سيادية تهمّ بلدا بأكمله في علاقته بالمنتظم الدولي”.

وأفادت الجمعية الحقوقية المذكورة، في بلاغ، بأنه على إثر القرار الصادر عن النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بمراكش يوم أمس الاثنين، والقاضي بإحالة ملف فضيحة الصفقات التفاوضية الخاصة بالمؤتر الدولي للتغييرات المناخية “كوب22″، الذي اختضنته مراكش في نونبر 2016، والتي كلفت ما يفوق من 28 مليار سنتيم من المال العامّ، على قاضي التحقيق في الغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال من أجل التحقيق مع محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش، ونائبه الأول، يونس بنسليمان، من أجل ”جناية تبديد أموال عمومية موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته” بالنسبة إلى المتهمَين معا، إضافة إلى جنحة “استعمال صفة حددت السلطات العامة شروط ممارستها”، عقد المكتب الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، صباح اليوم الثلاثاء، اجتماعا استثنائيا من أجل الدراسة والتداول في ظروف هذا القرار وملابساته.

وكانت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، في شخص رئيس مجلسها الوطني عبد الإله طاطوش، قد تقدّمت بشكاية أمام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بتاريخ 17 فبراير 2017، ملتمسا منه إجراء بحث قضائي في ما يناهز 50 صفقة تفاوضية أشرف عليها يونس بنسليمان، النائب الأول للعمدة، وأشّر عليها بالموافقة محمد العربي بلقايد، رئيس المجلس الجماعي لمراكش، بصفته آمرا بالصرف، وهي الصفقات التي “شابتها خروقات وتجاوزات لم يسبق للمجالس المتعاقبة على تدبير شؤون مدينة مراكش أن شهدت مثلها، ما جعل أحد مستشاري المجلس الجماعي عن حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه كل من العمدة ونائبه الأول، يؤكد في تصريحات صحافية سابقة أن “ملف الصفقات التفاوضية تربّع على عرش ملفات الفساد في مدينة مراكش”.

وكان الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش قد أحال شكاية الجمعية على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، والتي أحالته بدورها على الفرقة الجهوية للشرطة القضائية. واستمعت الأخيرة إلى كل من عبد الإله طاطوش، رئيس المجلس الوطني للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، وعمدة مراكش ونائبه الأول، وعدد من مهندسي وموظفي المجلس الجماعي وعشرات المقاولين، قبل أن ينتهي البحث ويحال ملفّ القضية على الوكيل العام المكلف بجرائم الأموال. وقرر إحالة ملف القضية على قاضي التحقيق في الغرفة الثالثة، بعدما قرر متابعة المسؤولين المذكورين من أجل جنايات اختلاس وتبديد أموال عمومية وجنحة استعمال صفة حددت السلطات العامة شروط ممارستها.

وأشادت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، بحسب المصادر ذاتها، بـ”القرار الشجاع” الذي اتخذته النيابة العامة المكلفة بجرائم الأموال في مراكش، مستحضرة ما مورس من “ضغوط من كل جانب، وبشتى الوسائل، من أجل إقبار هذا الملف أو ”تحجيمه” على الأقل، إضافة إلى ما كانت تبثه بعض الأطراف من تصريحات بين الفينة والأخرى، تسفّه من خلالها العمل الحقوقي الجاد والمسؤول للجمعية وفضحها لكل أشكال الفساد وتصديها لكل مختلسي وناهبي المال العام، الذين راكموا الثروات على حساب المال العام وعلى حساب التنمية المحلية لمدينة مراكش وعلى حساب سكان ومواطني هذه المدينة”.

ونوّهت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب بالقرار “غير المتهادن للنيابة العامة” وبتفعيلها القانون وتوجيهات ودوريات رئاسة النيابة العامة”. وثمّنت مجهودات الوكيل العام لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، “الذي ظل يواكب ملفات الفساد وطنيا ولم يتردد، لحظة واحدة، في الضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه الاعتداء على المال العام”.

وشدّدت الجمعية الحقوقية، وهي تتابع تطورات ملفات الفساد بمدينة مراكش، على أن “ملف الصفقات التفاوضية ليس ملفا يهمّ تبديد المال العام أو اختلاسه بمدينة مراكش فحسب، وإنما يتعلق الأمر بملف سياديّ يهمّ وطنا بكامله اسمه المغرب ويهمّ أبناء هذا الوطن ككل، من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، لأن القضية هنا تتعلق بصفقات عمومية مرتبطة بتظاهرة عالمية أشرفت عليها الأمم المتحدة واختارت بلادنا لاحتضانها، بالنظر إلى ثقتها الكاملة في بلد المغرب، قيادة وشعبا، وبالتالي فإن التحضير لهذه التظاهرة لوجيسيكيا وأمنيا وعلى جميع المستويات، وجب أن يأخذ بعين الاعتبار وفي الحسبان هذه الثقة وهذا التقدير وهذا الاحترام التي يحظى بها المغرب من قبَل المنتظم الدولي.. وإذ أساء بعض المسؤولين تدبير المهام الموكولة إليهم من أجل التحضير لهذه التظاهرة، عبر الاعتداء على المال العامّ وصرفه بطرق غير قانونية، قبل وخلال وبعد هذه التظاهرة، فإنهم بهذا أساؤوا إلى الوطن والمواطنين ككل.

وختمت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب بلاغها بمطالبتها بـ”إعمال القانون في جميع مراحل البحث والتحقيق في هذه القضية والتعاطي معها بكل الحزم والجدية اللازمين”، داعية الجهات القضائية المعنية إلى “استحضار موقع المغرب وعلاقاته بالمنتظم الدولي ومؤسسة الأمم المتحدة في هذه القضية، التي تتجاوز حدود تبديد المال العامّ إلى الإساءة إلى الوطن والمواطنين ككل أمام المنتظم الدولي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *