في افتتاح الدورة التشريعية الجديدة، اليوم الجمعة 10 أكتوبر، قدّم خطاب الملك محمد السادس واحدة من الرسائل الأكثر وضوحًا في مسار الإصلاح المغربي.
فحوى الرسالة، هو أن التنمية ليست شأن الحكومة وحدها، بل مسؤولية وطنية مشتركة لا يُعفَى منها أحد.
فحين قال الملك إن الأهداف التي حددها “ليست مسؤولية الحكومة وحدها، وإنما مسؤولية الجميع”، كان في الحقيقة يضع حدًّا لثقافة التملص من المسؤولية التي كثيرًا ما تُستخدم ذريعة لتبرير العجز والتقاعس.
لقد أعاد الخطاب الملكي توزيع المسؤوليات وفق منطق المشاركة لا التبرؤ.
ووفق منطق، المحاسبة لا التملص.
فكل مؤسسة، وكل منتخب، وكل فاعل سياسي أو مدني أو إعلامي، معنيٌّ اليوم بتحمل نصيبه من عبء الإصلاح.
لماذا؟.
لأن “المغرب الصاعد”، الذي رسم الجالس على العرش ملامحه، لا يمكن أن ينهض بجهد جهة واحدة، ولا أن يتحقق بعقلية انتظار الحلول من فوق.
ومن خلال الدعوة إلى ترسيخ ثقافة النتائج وتجاوز الممارسات التي تضيع الوقت والجهد والإمكانات، وضع الخطاب الملكي معيارًا جديدًا للمسؤولية العمومية.
معيار أن تكون المسؤولية، العمومبة، مبنية على المردودية، على الإنصات للميدان، وعلى ربط القرار بالتنفيذ والمحاسبة.
إنها رؤية ملكية، لا تؤسس فقط لتحول في العقليات، بقدر ما تدعو إلى تحول في السياسات.
وفي تفصيل محاور الخطاب، تتجلى هذه الرؤية في ثلاثية مترابطة:
1- عدالة اجتماعية ومجالية تضمن تكافؤ الفرص بين المغاربة.
2- تنمية ترابية متوازنة تشمل الجبال والواحات والسواحل والقرى.
3- مقاربة تشاركية توحّد جهود البرلمان والحكومة والمجتمع في خدمة المواطن.
إن جوهر الرسالة الملكية هو أن التنمية مشروع وطني يستمدّ قوته من شعور كل فاعل بمسؤوليته المباشرة أمام الوطن. فالمحاسبة تبدأ من الوعي، والإصلاح يبدأ من تحمل الأمانة دون تبرير ولا تذرع.
وبذلك، يذكّر الخطاب بأن التجديد السياسي والاقتصادي في المغرب لا يقوم على دورة حكومية أو برلمانية محدودة.
بل يقوم على تراكم وطني مستمر يقوده الملك، ويُسهم فيه الجميع.
إنها دعوة ملكية إلى تكثيف جهود الأغلبية والمعارضة وباقي الفاعلين السياسيين والمدنيين والاقتصاديين والاجتماعيين، والكف عن هدر الزمن في المزايدات المجانية.
لذلك نرى نحن في جريدة le12.ma، بأنها دعوة ملكية إلى تعبئة عامة من أجل بناء المغرب الصاعد.
وإلى زمن جديد من الفعل التنموي لا القول السياسوي.
زمن، مغرب العدالة الاجتماعية والمجالية حيث لا مجال فيه بعد اليوم، لعبثية إلقاء البعض المسؤولية على الآخر.
فليتحمّل الجميع مسؤوليته…

*محمد سليكي -رئيس التحرير
