بتوجيه من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يواصل وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي الذي لم يمضي على تعيينه في هذا المنصب سوى 11 شهراً، إصلاح تركة سلفه من وزراء الصحة على عهد ثلاثة حكومات سابقة.
*منير الأمني
القرارات التي اتخذها وزير الصحة تفاعلا مع احتجاجات المستشفى الجهوي بأكادير، تجسد ما ينبغي أن يقوم به المسؤول العمومي في لحظة الأزمة، من صرامة وفعالية في تدبير الموقف.
أولا: لم يكتف بمتابعة الوضع من مكتبه بالرباط أو المراهنة على عامل الزمن حتى يطوى الملف، بل بادر فورا إلى التحرك والنزول لعين المكان، حيث وقف على وضعية المستشفى عن قرب، واطلع على سير عمل لجنة المواكبة المركزية التي كانت وزارته قد أوفدتها قبل أسبوع من اندلاع الاحتجاجات.

ثانيا: اتخذ قرارات جريئة و جذرية، تمثلت في إعفاء المدير السابق للمستشفى والمندوب الإقليمي والمديرة الجهوية، وتعيين مدير جهوي بالنيابة لمواكبة المرحلة وضمان استمرارية التسيير بشكل أفضل.
ثالثا: بادر إلى اتخاذ تدابير عملية عاجلة، تمثلت في توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وتجهيز المختبر بالمعدات اللازمة، وإصلاح الأجهزة البيوطبية.
رابعا: فتح تحقيق شامل في حالات الوفاة التي تم تداولها مؤخرا، قصد تحديد ملابساتها وتحديد المسؤوليات، مع الالتزام بإحالة تقارير التحقيق فور استكمالها على الجهات القضائية المختصة.
خامسا: واصل دينامية الزيارات الميدانية، فانتقل مباشرة من أكادير إلى الناظور ثم إلى مراكش لتفقد المؤسسات الصحية والمشاريع الاستشفائية هناك، في إطار جولة ستشمل مختلف جهات المملكة.

سادسا: قام بإرسال لجان مركزية لجميع المستشفيات الجهوية والإقليمية بغية مواكبتها والوقوف على الإشكالات الحقيقية وإيجاد حلول لها بشكل مستعجل.
غير أن هذه الإجراءات ينبغي وضعها في سياقها الحقيقي:
أولا: الوضعية المأزومة لبعض المستشفيات وضمنها المستشفى الجهوي بأكادير ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج تراكمات وإهمال لسنوات طويلة، علما أن المستشفى موضوع الاحتجاجات يمثل المؤسسة المرجعية لأربع جهات بأكملها (سوس، كلميم، العيون، الداخلة) التي ظلت لعقود تفتقر لمستشفيات جامعية دون حل الإشكال من قبل الحكومات المتعاقبة !

ثانيا: الوزير لم يمض على تعيينه سوى أحد عشر شهرا، ورغم ذلك يحاول البعض تحميله مسؤولية تراكمات امتدت لعقود.
ثالثا: الحكومة الحالية تشتغل بمنطق المعالجة الجذرية لإشكالية العرض الصحي، من خلال تعميم إحداث المستشفيات الجامعية بكافة جهات المملكة، حيث بلغ المستشفى الجامعي بأكادير مراحله النهائية، فيما قطعت الأشغال بالعيون والداخلة أشواطا متقدمة، في حين تم الشروع فعليا في بناء المستشفى الجامعي بكلميم وبني ملال والراشيدية، فضلا عن قرب نهاية الأشغال بالمستشفى الجامعي ابن سينا الذي يعد معلمة صحية بمواصفات عالمية.
