تستعد الحكومة المغربية لإطلاق ورش إصلاحي نوعي يهدف إلى إحداث ثورة في تدبير الزمن الإداري داخل الوظيفة العمومية، في خطوة طال انتظارها لتعزيز التوازن بين الحياة المهنية والأسرية للموظفين والموظفات.

هذا الإصلاح المرتقب يأتي في إطار مراجعة شاملة لقانون الوظيفة العمومية، وتنسيق بين وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.

ثلاث صيغ مرنة لإدارة زمن العمل

​كشفت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بن يحيى، خلال عرض مشروع الميزانية الفرعية لوزارتها أمام مجلس النواب برسم سنة 2026، عن معالم هذا الإصلاح الذي يرتكز على اعتماد ثلاثة نماذج عمل رئيسية تتسم بالمرونة.

أولاً، نظام العمل الجزئي، الذي يتيح للموظف إمكانية الاشتغال بنصف الزمن القانوني مقابل الحصول على نصف الأجر، ويُعد هذا الخيار جذاباً خاصةً للفئات التي تتطلب ظروفها الأسرية رعاية إضافية خلال فترات محددة.

ثانياً، نظام التوقيت المرن، الذي يمنح الموظف حرية أكبر في تحديد أوقات الحضور والمغادرة، شريطة أداء مجموع الساعات المطلوبة يومياً أو أسبوعياً.

ويهدف هذا النظام إلى تلبية الاحتياجات اليومية الطارئة، مثل مرافقة الأهل للعلاج، مع إمكانية تعويض ساعات الغياب لاحقاً.

ثالثاً، توسيع العمل عن بعد وتأطيره، إذ تتجه الحكومة نحو تأطيره بقواعد واضحة بعدما أثبت فعاليته، وسيُعطى الأولوية للموظفين الذين يتحملون مسؤولية رعاية رضيع، أو شخص مسن، أو مريض مزمن، لتخفيف الضغط اليومي عليهم.

مسؤولية مشتركة تتجاوز فئة النساء

​شددت الوزيرة بن يحيى على أن هذا الإصلاح لا يقتصر على النساء فقط، بل هو موجه للنساء والرجال معاً، مؤكدة أن التوفيق بين الالتزامات المهنية والأسرية هو “مسؤولية مشتركة”، مما يعكس رؤية متقدمة تهدف إلى تحقيق المساواة وتخفيف الأعباء الأسرية عن كاهل الجميع.

رؤية شاملة تمتد للقطاع الخاص

​في خطوة نحو إرساء رؤية وطنية شاملة، أكدت الوزيرة أن التنسيق جارٍ مع وزارة الشغل لإدماج هذه الصيغ المرنة ضمن مشروع إصلاح قانون الشغل.

يهدف هذا الإجراء إلى ضمان استفادة العاملين في القطاع الخاص من المرونة نفسها، مما يعزز التوازن المهني والأسري على نطاق أوسع.

ضرورة ملحة لمواكبة التحولات الاجتماعية

​في الختام، خلصت الوزيرة إلى أن هذه التدابير الجديدة “تخدم مصلحة الأسرة المغربية ككل”، وتمنح الموظفين والموظفات إمكانيات واقعية للتوفيق بين متطلبات العمل والحياة الأسرية.

واعتبرت أن المرونة في تدبير الزمن الإداري أصبحت “ضرورة ملحة” في ظل التحولات الاجتماعية الراهنة وتزايد الأعباء الأسرية، مما يعد هذا الإصلاح خطوة محورية نحو إدارة عمومية أكثر كفاءة وإنسانية.

إدريس لكبيش/ Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *