دخلت الأزمة المغربية الإسبانية منعطفا جديدا، بعد الاحداث الأخيرة وستطال آثارها مختلف المستويات، ذلك أن المناوشات الأخيرة للجارة الشمالية بشأن القضايا الوطنية للمغرب ستحتم على هذا الأخير تجاوز المعالجة المؤقتة للأزمة والاتجاه صوب إعادة النظر في ملف العلاقات المغربية -الإسبانية برمته، بتعقيداته وإشكالاته، في ظلّ استمرار استفزازات الجارة الشامالية للممكلة المغربية والتعامل معها بطريقة تتأرجح بين الاستخفاف والاستعلائية، دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقات والمصالح التي تربط بين البلدين.

للتعمق أكثر في هذا الموضوع، اتصلت “le12.ma” – عربية بالباحث والمحلل السياسي الدكتور إدريس الكنبوري ضمن فقرة 3 أسئلة.

-حاوره : تقي الدين تاجي

-ما قراءاتك لتطورات الأزمة المغربية -الإسبانية؟

“العلاقات المغربية -الإسبانية اعتادت على أن تعيش أزمات دورية، فبحكم طبيعة المشكلات والملفات العالقة بينهما، مثل قضية الصحراء وملف الهجرة وسبتة ومليلية المحتلتين، والجوار الصعب، تظهر بين الحين والآخر أزمات تعيد العلاقات بين البلدين إلى نقطة البداية، وتضطرهما إلى إعادة النظر في هذه العلاقات انطلاقا من رؤية جديدة. لكنْ هذه المرة الأمر مختلف، هناك زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، الذي توجد بشأنه دعاوى قضائية أمام المحاكم الإسبانية بتهمة القتل والتعذيب، وهو اليوم في إسبانيا بدعوى العلاج، لكن الحكومة الإسبانية تتذرع بالأسباب الإنسانية لجعله يفلت من العقاب والمحاكمة، علما بأن إسبانيا تدّعي أنها نظام ديمقراطي والقضاء فيها سلطة مستقلة. ورغم ذلك لم نرَ أية حركة في هذا الاتجاه مع الأسف. وما يزيد الطين بلة أن من رفعوا الدعوى القضائية ضد زعيم البوليساريو ليسوا أشخاصا أجانبَ، بل هم مواطنون إسبان”.

رئيس حكومة الاحتلال الاسباني وسط احتجاجات المستوطنين الاسبان أمس في سبتة المحتلة
رئيس حكومة الاحتلال الاسباني وسط احتجاجات المستوطنين الاسبان أمس في سبتة المحتلة

-كيف ترى زيارة رئيس الحكومة الإسبانية لسبتة المحتلة وسط انتقادات الأوساط السياسية والشعبية لإدارة حكومته العلاقة مع المغرب؟

“لقد زار رئيس الحكومة بيدرو سانشيز كلا من سبتة ومليلية المحتلة وليس سبتة وحدها، بعد موجة الهجرة السرية التي تدفقت على سبتة المحتلة في اليومين الماضيين، من أجل توجيه رسالة إلى المغرب لها طابع سلبي.. وقد حرص خلال لقائه مع رئيس الحكومة المحلية في مليلية المحتلة على أن يقول إنه يحذر المغرب من أن إسبانيا ستدافع عما سماه وحدة التراب الإسباني. ومن المؤسف أن مثل هذا الخطاب لا يزال موجودا في القرن الحادي والعشرين، إذ تتحدث دولة موجودة في أوروبا عن أراض موجودة في إفريقيا بلهجة استعمارية.. لكن المثير هو أن هذا الرد والتحدي يأتيان من حزب يساري اشتراكي يوجد في السلطة اليوم، على غير ما هو معروف في التقاليد بين البلدين عندما يكون الحزب الاشتراكي في السلطة، لذلك أظن أن سانشيز يريد أن يعالج أزمته السياسية وأزمة حكومته من خلال تقرّبه من خطاب اليمين، الذي يمثله الحزب الشعبي”.

-كيف تقرأ مستقبل هذه الازمة في ظل اعتراف إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن بمغربية الصحراء المضمّن في الاتفاق الثلاثي المغربي -الامريكي -الإسرائيلي؟

“علينا أن ندرك أن إسبانيا انزعجت من موقف الإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب بالاعتراف بمغربية الصحراء، لأن ذلك سيؤثر في المعادلة الإقليمية ويضع مدريد أمام الأمر الواقع ويُخرجها من مسلسل الحل السياسي، بحيث تخشى أن تضغط واشنطن على البوليساريو للقبول بأي حل مقترح أو بمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب في 2007، وبذلك تجد إسبانيا نفسها في موقع المراقب.. ولكن اليوم هناك تطورات جديدة في فلسطين وإدارة أمريكية جديدة مع بايدن، والأحداث الجارية اليوم يمكن أن تؤثر في طبيعة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، ما قد يؤثر في موقف الإدارة الأمريكية الجديدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *