في ظل احتجاجات “جيل زد” التي يشهدها المغرب، وما رافقها من تفاعلات على مستوى الحكومة والأحزاب السياسية، أجرى
Le12.ma حوارا مع الفنان إدريس الروخ حول قراءته للوضع الراهن، وموقفه من هذه
الاحتجاجات، قبل أن يوجه في ختام الحوار رسالة خاصة إلى شباب “جيل زد”.
ما قراءتك للاحتجاجات التي يقوم بها “جيل زد”؟
اليوم، ونحن نتابع ما يجري في وطننا الحبيب، علينا أن ننظر إليه بعين المحبة لا بعين الغضب، وأن نصغي إلى صوت العقل لا إلى ضجيج الفوضى.
وبوصفي مواطنا قبل أن أكون فنانا، أؤمن أن الدفاع عن مصلحة البلد لا يكون بالصراخ أو الهدم، بل بالفعل الواعي، والإبداع البناء، والكلمة المضيئة التي تنير الطريق بدل أن تغرقه في الظلام.
شباب هذا الوطن هم القلب النابض للمغرب، ومن حقهم المطالبة بالعدالة والتعليم والصحة والعيش الكريم. لكن في المقابل، علينا جميعًا أن نحمي بلدنا الذي احتضننا، لأن التنمية لا تزدهر في أرض الخلاف، بل في أرض الثقة والعمل المشترك.
نحن في حاجة اليوم إلى أن نصغي لبعضنا البعض بدل أن نتنافر، لأن مصلحة المغرب يجب أن تبقى البوصلة التي توجه الجميع مهما اختلفت الآراء أو الوسائل.
علينا أن نحمي هذه الأرض التي تسكننا قبل أن نسكنها، فالتنمية لا تنبت في أرض الغضب، بل في تربة الأمل والتعاون والإصرار على البناء.
كيف ترى دور الفنان المغربي في الأزمات التي نعيشها اليوم في ظل احتجاجات “جيل زد”؟
أؤمن أن الفن، حين يكون صادقا، يصبح شكلا من أشكال المقاومة الراقية: مقاومةً للجهل والتعصب والظلم واليأس.
الفنان ليس مجرد متفرج على الأحداث بل هو شاهد على الزمن، ومرآة تعكس ما يعيشه الناس بصدق وجمال ومسؤولية.
وحين تمر البلاد بكوارث طبيعية أو أزمات صحية أو نكبات اجتماعية، أو تتعرض لمحاولات المس بوحدتها الترابية واستقرارها، يكون للفنان دور جوهري في تحويل الألم إلى وعي، والخوف إلى تضامن واليأس إلى أمل.
فهو يحمل الكلمة والصورة والنغمة والحركة… لا ليحرض على الفوضى، بل ليوقظ الضمائر ولا ليبرر الأخطاء، بل ليضيء الطريق نحو الإصلاح.
ومهما اختلفت الآراء حول ما يقدمه الفنان من رؤى أو مواقف أو أعمال، ومهما تعرض لسوء الفهم أو النقد أو التأويل، فإنه يظل محبا لوطنه، مخلصا لترابه وانتمائه، لأنه واحد من أبنائه المؤمنين بأن المغرب سيبقى دائما لحمة واحدة وجسدا واحدا وصوتا واحدا للحياة والاستمرار.
ما الرسالة التي تود توجيهها لشباب “جيل زد”؟
جيل اليوم ليس جيل اللامبالاة كما يظن البعض، بل هو جيل الوعي والبحث، جيل الأسئلة الكبرى الذي يريد أن يفهم قبل أن يحكم، ويشارك قبل أن يقصى.
ما يميز هؤلاء الشباب هو أنهم لا يطالبون بالقطيعة، بل بالاستمرارية في مسار أكثر عدلا وكرامة وإنصافا.
لقد أبان شباب المغرب عن حس عالٍ بالمسؤولية تجاه قضايا الوطن، وأظهروا وعيا حقيقيا بالتحولات والتحديات التي يعيشها المجتمع.
جيل “زد” ليس ضد الدولة، بل هو ابنها الشرعي الذي يريد أن يراها أجمل، وأكثر عدلا وأقرب إلى طموحاته وأحلامه.
ولهؤلاء الشباب أقول “اجعلوا من أصواتكم جسورا لا جدرانا، ومن أحلامكم مشاعل لا حرائق، ومن حبكم للمغرب طاقة تبني لا غضبا يهدم… فأنتم لستم فقط مستقبل الوطن، بل روحه الجديدة التي تعيد تعريف الوطنية في زمن رقمي، وتجعل من السلام طريقا للتغيير ومن الوعي سبيلا للكرامة ومن المغرب بيتا يتسع للجميع”.
