نجاة أنوار*

 

وأنا أتصفح أسبوعية الأيام أثار انتباهي حوار صحافي مع شابة كانت قاصرة في محكمة الإرهاب، حوار له دلالات عدة وأجوبة حارقة عن أسئلة لا تزال عنوان عدم فهمنا لما يخلفه التهميش وعدم المساواة الفعلية والفقر من ضحايا ومآس إنسانية.

فالشابة المولودة، وشقيقتها، من أم عازبة عانت من الفقر والمعاناة والاغتصاب والتحرش، ووجدت نفسها لقمة سائغة وظفها من كان يعرف توظيف الدين والوعد بالجنة بدل الفقر، بشرط التفجير، سواء أكان الهدف برلمانا أو متجرا لبيع الخمر أو حافلة للسياح..

ستذكر الشابة المحاوَرة أن بعض تجار الدين ممن يضحكون على ذقون الفقراء كانوا أثرياء ولهم سيارات فارهة ويتجولون في أوربا ويتقنون توظيف الدين لجمع المزيد من الثروة الخاصة والمزيد من الفقر لبؤساء الوطن.

وأنا، بصفتي جمعوية، أدرك بحكم معايشتي للعديد من قضايا الاعتداء وهوية الكثير من ضحاياه القاصرين والقاصرات، أن الفقر والتهميش والهدر المدرسي وتكريس اللامساواة في الحقوق بين الأطفال المنتمين إلى وطننا الأبي، خاصة الحق في التعليم والحق في الهوية للمولودين والمولودات من أمهات عازبات، تكون العائق الأكبر أمام طفولة سليمة.. غير أن حل ذلك هو الاقتراب من الأسر أكثر والتضحية في سبيل إيجاد مناخ التقويم، بعيدا عن المزايدات وقريبا من الطفل ومن مجتمع الكرامة. وهنا يظهر الدور المحوري للمجتمع المدني، لذلك على الحكومة أن تعي ذلك وتمنحه فرصة الاضطلاع بمهامه وفق ما ينص عليه دستور 2011.

إن بناء وطن يضم الجميع معركة لا تهم صناع الكلام وصائغي البرامج الانتخابية، طالما أنهم ينكرون حق الأطفال في ما سبق أن ذكرت، وهم من يتركون المهمشين من أبناء الوطن لقمة سائغة لصناع العنف والقتل، يستغلونهم ويوظفونهم كقتلة باحثين عن الجنة والفردوس..

ونحن نستقبل الشهر الفضيل، أمنّي النفس بأن نعترف ونقر جميعا بأن هناك تهميشا وإقصاء وبأن هناك متألمين وهناك وحوشا مستفيدة.

***

*رئيسة منظمة “ما تقيش ولدي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *