يملك المنتخب المغربي اليوم كل مقومات النجاح لكنه يحتاج إلى بصمة تجعله معروفاً بأسلوبه، قبل أن يكون معروفاً بأسمائه.

*أمين السبتي

عندما ننظر إلى كرة القدم الحديثة، نلمس بوضوح أنّ المنتخبات الكبرى لم تعد تراهن على أسماء اللاعبين فقط.

بل بقدرتها على صياغة هوية لعب متماسكة تحت إطار جماعي، على بناء اللعب من الخلف، على صبر التمرير ، خلق المساحات و خلخلة الخصوم بالثنائيات والثلاثيات، بحيث يتحول كل لاعب إلى حلٍّ متحرك داخل المنظومة.

في هذه المدارس، الاختراق يأتي من كل الجهات، عبر تنوع الخيارات وتوزيع الأدوار بذكاء.

في المقابل نجد أن المنتخب المغربي رغم وفرة مواهبه الفردية وتنوع تجاربهم الاحترافية في كبريات الأندية الأوروبية لا يعكس هذا الغنى داخل المستطيل الأخضر .

غالباً ما يميل إلى اللجوء المبكر للكرات الطويلة، وكأنها الخيار الأول وليس الأخير ، في حين أنّ الأصل يفرض استخدامها كخطة طوارئ: عند التأخر في النتيجة، أو حين يفرض الخصم تكتلاً دفاعياً خانقاً، أو عندما يداهم الوقت دقائق المباراة الأخيرة.

في كأس العالم بقطر، برهن الأسود على توفر إمكانيات البناء حيث كان يصل إلى مرمى الخصوم بأقل عدد من التمريرات وأكثرها حسماً ،لكن تلك المشاركة العالمية ارتبطت بخيار تكتيكي دفاعي محض أمام منتخبات أوروبية مندفعة لطالما كنا جيدين أمامها.

في قطر كل لاعب كان يحمل عباءة دفاعية، يضغط ويغلق المساحات أولاً، ثم يترك شرارة الإبداع للفرديات حين تحين اللحظة

الصورة في أفريقيا مختلفة كما هو معلوم ، امام كثير من منتخباتها، لن تتوفر لنا (رفاهية) التكتل والانتظار.

أغلب المنافسين يتراجعون خطوة إلى الوراء إدراكا للجودة الفنية لعناصر رابع العالم تاركين لهم زمام المبادرة في هذا المشهد.

وهنا يغدو السؤال ملحاً: ما هي هوية المنتخب حين يفرض عليه أن يكون المبادر؟.

صحيح أن الانتصارات تحققت و أتمنى استمرارها حتى و إن كانت بفضل براعة لاعبين قادرين على صناعة الفارق في لحظة فردية لكنّ هذا النجاح غير مضمون أمام منتخبات منظمة و قوية هجوميا.

يملك المنتخب المغربي اليوم كل مقومات النجاح لكنه يحتاج إلى بصمة تجعله معروفاً بأسلوبه، قبل أن يكون معروفاً بأسمائه.

يحتاج إلى تحويل غناه البشري إلى لوحة كروية منسجمة، لا تبقيه رهين الاجتهادات الفردية حتى لا نتفاجأ بضياع فرصة ملائمة للتتويج بلقب طال انتظاره و تجنبا لمشهد النسخة الأخيرة حين غادرنا امام فريق ماميلودي صن داونز (جنوب أفريقيا) .

*صحفي قناة بين سبورت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *