يسود جو من التفاؤل الحذر الأوساط الفلاحية المغربية مع بداية موسم جني الزيتون لعام 2025، حيث تُشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق محصول قياسي.
يأتي هذا الانتعاش المرتقب ليعيد قطاع الزيتون إلى مسار النمو، بعد ثلاث سنوات من التراجع كانت بسبب ظاهرة الجفاف.
الأمطار المتأخرة تنقذ الموسم وتضاعف التوقعات الإنتاجية
تؤكد البيانات الصادرة عن وزارة الفلاحة والتقارير المهنية أن الأمطار التي تساقطت متأخرة خلال شهري مارس وأبريل كانت حاسمة في إنعاش البساتين المهددة، خاصة في مناطق رئيسية مثل الحوز، سوس، شيشاوة، وفاس-مكناس، وهو ما عزز آمال المزارعين بعودة مستويات الإنتاج إلى طبيعتها.
وبحسب توقعات الفدرالية بين-المهنية المغربية للزيتون (Interprolive)، من المتوقع أن يتراوح إنتاج زيت الزيتون لهذا الموسم بين 180 و 200 ألف طن. هذا الرقم يمثل تقريباً ضعف الإنتاج المسجل في موسم 2024، الذي لم يتجاوز 90 ألف طن.
ويُعزى هذا الارتفاع الكبير إلى عاملين رئيسيين: التحسن الملحوظ في الظروف المناخية، والاستمرار في توسيع المساحات المزروعة بالزيتون، والتي تجاوزت 1.1 مليون هكتار، مشكلةً بذلك حوالي 65 بالمائة من الغطاء الشجري الوطني.
المغرب يعزز مكانته الدولية ودوره في الاقتصاد الوطني
يحتل المغرب حالياً المرتبة الرابعة عالمياً في إنتاج الزيتون، والثالثة في تصدير زيت الزيتون المعبأ، مما يشير إلى قيمة مضافة متزايدة، مدفوعة بالطلب الخارجي المتنامي في أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية.
يُعد قطاع الزيتون ركيزة أساسية ضمن المخطط الوطني “الجيل الأخضر 2020-2030″، حيث يهدف إلى تطوير فلاحة مستدامة ورفع القيمة التصديرية للمنتجات المحلية.
ويُقدر مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام الزراعي بنحو 5 بالمائة (ما يعادل 7 مليارات درهم سنوياً)، كما يوفر أكثر من 55 مليون يوم عمل، مما يجعله مصدر دخل حيوي في المناطق القروية.
تحديات هيكلية تلوح في الأفق رغم التفاؤل
على الرغم من التوقعات الإيجابية، يواجه القطاع تحديات هيكلية؛ أهمها ضعف منظومة المعالجة والتعبئة والتوزيع، مما يفتح الباب أمام الوسطاء للتحكم في الأسعار.
ففي العام الماضي، وصل سعر لتر زيت الزيتون في الأسواق المحلية إلى أكثر من 100 درهم، مما استدعى تدخل الحكومة للترخيص باستيراد محدود لضبط التوازن السعري وتغطية الطلب الداخلي.
كما يحذر المهنيون من أن الإنتاج قد يظل عرضة للتقلبات في حال تكرر الجفاف مستقبلاً، نظراً للاعتماد الكبير على الأمطار الطبيعية وغياب أنظمة الري بالتنقيط في بعض الجهات.
وتسعى المملكة إلى تثبيت موقعها كمنتج مرجعي لزيت الزيتون عالي الجودة بحلول عام 2030، وذلك من خلال برامج تأهيل المعاصر، وتوسيع المساحات الحاصلة على شهادات المنشأ، وتشجيع التصدير نحو الأسواق ذات العائد المادي المرتفع.
وفي الختام، وبينما يركز الفاعلون المهنيون على اغتنام فرصة الموسم القياسي لزيادة الكميات، تهدف الحكومة إلى استغلال هذا الزخم لتحقيق تحول بنيوي طويل الأجل يضمن استقرار الأسعار، ويُحسن من دخل الفلاحين، ويعزز من جودة وصورة المنتوج المغربي على المستوى العالمي.
