*أحمد الدافري
في الوقت الذي أنزلت فيه سفارة الجزائر علم بلادها من مقرها بالرباط معلنة بذلك بأن التمثيلية الدبلوماسية الجزائرية في المغرب لم يعد لها وجود، تقوم سفارة ألمانيا بالرباط بمحاولة تخفيف التوتر بينها وبين المغرب.
ويبدو ذلك واضحًا من خلال البلاغ الذي نشرته مساء يوم الثلاثاء الماضي في صفحتها الرسمية، موضحة فيه أن ما تداولته بعض وسائل الإعلام من أخبار حول تقرير مخابراتي ضد المغرب أنجزته سويسرية لفائدة ألمانيا هي أخبار كاذبة، وأن هذه السيدة لا علاقة لها بجهاز الاستخبارات الفيدرالي الألماني.
وأكدت السفارة في بلاغها، أن المملكة المغربية شريك محوري لألمانيا، وأن الحكومة الاتحادية ترى أنه من مصلحة كلا البلدين العودة إلى العلاقات الدبلوماسية الجيدة و الموسعة تقليديا وأن ألمانيا مستعدة لشراكة تتطلع للمستقبل على قدم المساواة، وأن الحكومة الاتحادية ترحب بشكل جلي بتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
بلاغ السفارة الألمانية مكتوب بلغة واضحة لا تأويل فيها. ومعناه راه حنا بغينا نتصالحو معاك يا الدولة المغربية وما بغيناش نبقاو متخاصمين وراه حنا عاجبنا الحال بالتطبيع اللي درتيه مع إسرائيل…

غير أن هذا البلاغ ما وضحش بأن المشكل الحقيقي ديال غضب الدولة المغربية من ألمانيا وقطع التواصل مع سفارتها في الرباط، سببه هو أنه عندما اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، ألمانيا نوضت القيامة ضد هاذ الاعتراف وطالبت بعقد اجتماع استثنائي مغلق في مجلس الأمن الدولي، وفي هذا الاجتماع طعنت في الإعلان الذي كانت قد أرسلته السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن، وهو الإعلان الذي اعترفت فيه دولة الولايات المتحدة الأمريكية بأن كامل أراضي الصحراء المسماة في الأمم المتحدة باسم الصحراء الغربية هي جزء من المملكة المغربية..
غير أن ذلك الاجتماع كان مجرد زوبعة أثارتها ألمانيا للي بحالها بحال كل البلدان الاستعمارية الأوروبية التقليدية، ما يمكنش تعيش بلا ما يبقى الصراع قائما في المستعمرات الإفريقية القديمة التي قسمها الأوروبيون بينهم في مؤتمر برلين بألمانيا سنة 1884، وهو المؤتمر للي تم فيه إقرار تقسيم المغرب بين فرنسا وإسبانيا وللي من بعده غضبت ألمانيا على فرنسا وبريطانيا بخصوص نصيبها في إفريقيا ودخلت علينا للمغرب سفينة حربية فيها الإمبراطور الألماني غييوم الثاني يوم 31 مارس 1905 مع عدد من القادة الحربيين الألمان وتوقفوا في ميناء طنجة، ودار هاذ الإمبراطور خطاب من طنجة أمام ممثل السلطان عبد العزيز للي جا من العاصمة فاس.
وقال الإمبراطور الألماني لممثل السلطان قل للسلطان أنا معاك ضد فرنسا للي باغيا تستعمرك، بينما الحقيقة أن الإمبراطور الألماني جاء إلى المغرب لأنه رفض الاتفاقية التي وقعت يوم 8 أبريل من سنة 1904 بين الفرنسيين والبريطانيين بخصوص المغرب ومصر، وهي الاتفاقية للي شاف الإمبراطور أنها مجحفة في حق ألمانيا للي كانت باغية حقها فالمغرب، حيث في الاتفاقية تنازلت فرنسا على حقوقها في مصر لصالح بريطانيا على أساس تعترف بريطانيا بحق فرنسا في فرض الحماية على المغرب.
هذا راه التاريخ.. وعوض أن النظام الجزائري يقرا مزيان هاذ التاريخ، فهو معمر راسو بالمغرب ومعتبرو بلد محتل، ومطيح نظام الجزاير سروالو للمستعمرين الحقيقيين. وهذا ما كان.ا
*كاتب -مغربي
