تتغيّر الأرقام والتواريخ بينما تثبت نواميس الكون وسجايا البشرية.
مثلاً :ستجدنَّ الأرض تدور حول نفسها والشمس بمدى ثابت نسبياً، لكن التباين يكمن في تعاقب الليلِ والنهار ، والتغير يتمثّلُ في تبدُّلِ الفصول والشهور وتمدُّدِ الأعوام والدُهور .
يتحرّك البشر مع ثبات نواميس الكون وفقاً لرغباتهم وتحقيق مصالحهم وغاياتهم ، فالرغبات ثابتة والمصالح متعدِّدة..
 ستجدنَّ بعضهُم يموجُ خارج فضاء الفطرة الإنسانية لتحقيق مصالحه، وستجدنِّ  الآخر ضحيةً للأول، وستجدنَّ ذات المنهاج يتواتر مع الأزمِنة ويتنكّر بوجه أو آخر ، مثلا : الذي هامْ في عشق ليلاه، يتعاطى الآن مُذهبات العقول لأن عقله قد ذهبَ مع ليلاه.
 والذي إمتلك ثروة قارون، لم يُدرِك بأن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة.
والذي حملهُ طِروادة لفتح أثينا، هو نفسه الذي يحمله قارب بلاستيكي في عُباب المتوسط.
والذي أحرق مكتبة بغداد، هو نفسه الذي أحرق هيروشيما، هو نفسه الذي أمطر على عباد الله الفوسفور الأبيض. والذي أُعدِم بالمِقصلة في ” الكونكورد” هو نفسه الذي يجثُم الآن على صُدور الشعوب.
والأضواء المُبهرة ، المُشِعة من ناطحات السحاب في رؤوس الأعوام، والألعاب النارية التي تُزين عنان السماء، ماهي إلا إيزاناً باستمراية المصالح والرغبات، مهما كانت الوسائل ومهما صعُبت الغايات ومهما إمتدت الدهور ، وفي الأخير ستجدنَّ التاريخ يعيد نفسه مع ثبات سجايا البشرية .
*حاتم عبدالوهاب / السودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *