ومع -le12.ma

 

يجد أفراد الجالية المغربية، رغم الاختلافات الكثيرة بين أجواء رمضان في إيطاليا والوطن الأم، خصوصا في ما يتعلق بـ”لمة” الأهل ونكهات الطبخ المغربي وطول يوم الصيام، متنفسا في اغتنام فضائل الصيام الروحية والتزود بنفحات الإيمان والتقرب من الله عز وجل.

لا يمنع البعد عن الوطن الأم المغاربةَ المقيمين في العاصمة الإيطالية عن صون عادات وتقاليد تميز الشهر الفضيل من خلال الالتزام بسلوكات الصيام والحرص على الاستفادة من فضائل دينية لا تحصى، بالحرص على فروض الطاعة وإعمار المساجد وتبادل أطراف الحديث حول المغزى من صيام رمضان والتعريف بأبعاده الروحية وفوائده الجمة.

ويغتنم مغاربة إيطاليا الشهر الكريم لمد جسور التضامن بين المسلمين وغير المسلمين والتعريف بمبادئ الإسلام السمحة وخلق أجواء مفعمة بالتآخي والتضامن بين مختلف الجاليات المسلمة، وحتى من ديانات أخرى، إذ تنصهر كل الفوارق والجنسيات والأعراق..

بعد تقاسم التمر والماء في مسجد روما الكبير وأداء صلاة المغرب، يلتئم الصائمون وغير الصائمين من ديانات أخرى حول موائد الإفطار، التي تتجاوز أهدافها مجرد تقديم الوجبات في جو يطبعه الانسجام والتساكن.

داخل المساجد، تتنوع المبادرات التحسيسية، إذ يحرص الأئمة على تقديم إرشادات في المجالين الديني والطبي وشرح المغزى من صيام رمضان والتعريف بأبعاده الروحية، خلال الدقائق الفاصلة بين صلاة العشاء والتراويح. كما يشكل رمضان مناسبة مواتية لتلقين أطفال وشباب الجالية المغربية في إيطاليا دروس حفظ وتجويد القرآن الكريم وتنظيم مسابقات محلية على غرار تلك التي تقام في المغرب، بما يعزز تمسكهم بهويتهم الدينية وبوطنهم الأمّ.

وتظل الجالية المغربية وفية لعاداتها الرمضانية المغربية، خاصة مائدة الإفطار، المعروفة بالأطباق التي تميز الشهر الفضيل، أهمها “الحْريرة” وأكلات مختلفة تزين موائد رمضان. كما تحرص على خلق أجواء استثنائية تثير إعجاب غير المسلمين الذين يحضرون رفقة عائلاتهم الصغيرة لاستكشاف تقاليد المغرب الأصيلة. ففي رمضان تأثث مائدة الإفطار أطباق تقليدية تباع جاهزة أو يتم إعدادها في البيت ليتفرد الطبخ المغربي الأصيل ونكهاته الخاصة عن المأكولات المحلية التي لا تخلو منها وجبة الفطور.

ويفضّل بعض المغاربة ممن يتعذر عليهم تحضير بعض الحلويات الخاصة برمضان نظرا إلى ظروفهم المهنية، أن يتوصلوا بها من ذويهم في المغرب، خاصة “الشباكية” و“السفوف” و“البريوات”، لتوفير أجواء عائلية مغربية تساعدهم على التغلب على إكراهات ونمط الحياة في بلد الإقامة.

ويعدّ الإفطار الجماعي فرصة ثمينة لنشر قيم التآلف والتضامن والتعايش بين الأديان وإبراز أسمى صور الإسلام المعتدل والسمح والتعريف به في المجتمع الإيطالي وبالسلوكات والعادات الدينية والاجتماعية التي تميز هذا الشهر العظيم.

بحلول رمضان بإيطاليا لا تكاد الجالية المسلمة في هذا البلد، ولبالغ عددها أكثر من مليون و600 ألف، تشعر بأي تغيرات في شوارع المدن التي يسكنون فيها، باستثناء بعض المحلات العربية المتناثرة في روما وبعض المدن الأخرى، التي تسعى إلى أن توفر لزبائنها مأكولات عربية وشرقية بنكهات بلدانهم.

ويظل هذا التناغم الفريد بين المغاربة ومختلف الجاليات في تقاسم الأجواء الرمضانية وارتياد المساجد والإقبال على تلاوة القرآن خير ملاذ لتخفيف الإحساس بالحنين إلى الديار وأهل الديار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *