في ليلة امتزجت فيها دموع التأثر بالتصفيق الحار، توقفت فعاليات الدورة الثانية والعشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عند محطة إنسانية وفنية بامتياز، مخصصة لتكريم الفنانة المغربية القديرة فاطمة هراندي، المشهورة بـ “راوية”.
لم يكن هذا التكريم مجرد وقفة احتفالية عابرة، بل كان بمثابة وقفة اعتراف بمسيرة مهنية تمتد لعقود، نسجت خلالها الفنانة علاقة محبة واحترام عميقة مع أجيال من الجمهور المغربي.
فقد أثرت راوية المشهد الفني بأدوار حفرت حضورها في الذاكرة، من الدراما الاجتماعية إلى السينما الشعبية والملتزمة، مقدمة شخصيات تعكس عمق وكرامة المرأة المغربية، وجاء هذا الاعتراف ليؤكد مكانتها كواحدة من أبرز الوجوه في تاريخ السينما المغربية.
شهادات في حق “من تعيش الشخصيات”
شهدت المنصة كلمات مؤثرة في حق الفنانة المكرمة، أبرزها كلمة المخرج نور الدين الخماري، الذي قدم راوية بعبارات صادقة ومعبرة.
وأشار الخماري، الذي عمل معها في أفلام ناجحة مثل “كازانيغرا” و”الزيرو”، إلى أن راوية “لا تمثل، بل تعيش الشخصيات بكل تفاصيلها”، وأنها منحت السينما الشعبية المغربية “البريق والنبل” الذي تستحقه.
وأكد الخماري تقديره الكبير لها، قائلاً: “اليونان لديها إيرين باباس، ومصر لديها يسرا، ونحن لدينا راوية”.
كما استحضر المهرجان، في الليلة ذاتها، أسماء الفنانين المغاربة الذين رحلوا هذا العام، مؤكداً على بصمتهم الخالدة في السينما الوطنية.
وتعد راوية، واسمها الحقيقي فاطمة هراندي، من رائدات السينما والتلفزيون المغربي، ومن أهم أعمالها السينمائية البارزة “كازا نيغرا” و”العيون الجافة”، وفيلم “مسافة ميل بحذائي” الذي نالت عنه جائزة أفضل ممثلة في مهرجاني طنجة وقرطاج عام 2016.
دموع وامتنان على المنصة
صعدت راوية إلى خشبة المسرح بتأثر بالغ، ووجهت كلمة قصيرة لكنها معبرة، لخصت فيها مشاعرها الجياشة. قالت الفنانة القديرة: “تصفيقاتكم كالمطر نزلت علي في صحراء فارتويت. شكراً لكم”.
وأعربت عن شكرها الخالص للملك محمد السادس والأمير مولاي رشيد على دعمهما المستمر للمهرجان، وخصت بالشكر كل من عمل في الخفاء لضمان نجاح هذا الحدث الدولي.
كما أهدت راوية التكريم إلى الجمهور المغربي داخل وخارج الوطن، معتبرة هذا الاعتراف “مولوي وعزيز” على قلبها، ومؤكدة أنها تعود اليوم إلى منصة التكريم بفضل الثقة التي وضعها فيها المخرجون والمخرجات لأداء شخصياتهم المتنوعة.
لقد كانت “ليلة راوية” في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش شهادة حية على قيمة الفن الملتزم والأداء الصادق، وتأكيداً على أن مسيرة الإبداع الطويلة تستحق كل التقدير والاحترام.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
