أوزين، قال هذا وهو مزهو بأنه ضليع في القانون المنظم لعمل المجلس النيابي، وبأنه نائب رئيس مجلس النواب.

فلماذا لا يظهر لنا ” حنة يديه” ويودع هذا الملتمس باسمه؟

*حنان رحاب

حاول السيد محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ونائب رئيس البرلمان (ما دام يصر على التأكيد على الصفتين)، في الحلقة الأخيرة من البرنامج الحواري “نقطة إلى السطر”، التهرب من مسؤوليته عن فشل/إفشال التقدم بملتمس الرقابة، وإلقاء اللوم على الاتحاد الاشتراكي، غير أن التبريرات التي ساقها إنما تؤكد أن تضخم الذات والسعي إلى ممارسة السياسة عبر “الشو”، عند السيد أوزين، هو الذي ضيّع، ليس فقط على المعارضة التقدم بذلك المقترح، بل ضيّع على المشهد السياسي فرصة ممارسة تمرين حقيقي للنقاش العمومي المسؤول…

وهو الهدف الأساس من ملتمس الرقابة…

ذلك أن الاتحاد الاشتراكي كان واضحًا منذ الوهلة الأولى التي طرح فيها نيته التقدم بملتمس الرقابة، أن الغرض ليس هو إسقاط الحكومة، لأن ذلك ضرب من المستحيل في ظل أغلبيتها العددية المطلقة، بقدر ما هو وضع الجميع أمام مسؤولياتهم في إطار نقاش مسؤول في البرلمان يتابعه المغاربة مباشرة، مما يمكنهم من المفاضلة السليمة بين الأحزاب، معارضة وأغلبية…

وللتذكير، فإن إفصاح الاتحاد الاشتراكي عن نيته التقدم بملتمس الرقابة، قوبل باستخفاف من طرف باقي أحزاب المعارضة، والتي اعتبر بعضها أن الأمر مجرد مزايدة، وقال البعض منهم إنه “تمثيلية”…

وسبحان الله، سيغير الجميع موقفه، وستكون هناك دعوات للتنسيق بين المعارضة لأجرأة هذا الملتمس…

وهو ما قبل به الاتحاد الاشتراكي، وأجّل التقدم بالملتمس إلى أن تنضج الشروط داخل المعارضة.

اليوم، يؤكد السيد أوزين، بطريقة ضمنية، أن المشكل كان في إصراره على أن يتلو هو الملتمس، لأنه أمين عام حزب، فيما باقي برلمانيي المعارضة ليسوا أمناء عامين لأحزابهم…

هل هذا مبرر لتجاوز الحزب الأول في المعارضة وصاحب الاقتراح من الأصل؟

والسيد أوزين قال في البرنامج، بكل غرور، إنه لو كان قد تقدم بقراءة الملتمس، لكانت ستكون مداخلة تاريخية…

أي أن السيد أوزين لم يكن يهمه تمرير الملتمس، ولا النقاش الذي سينجم عنه…

كان يهمه أن يُقال في المستقبل إن ملتمس الرقابة قرأه رجل يُدعى محمد أوزين…

بمعنى: إما أن أقرأ ملتمسًا لم تكن فكرته فكرتي، وإلا “تحرام اللعب”.

السيد أوزين يرد على من يقولون بأن الأولوية كان ينبغي أن تكون لنائب من الاتحاد الاشتراكي، لأنه الفريق الأول في المعارضة، ولأنه صاحب الاقتراح الأول،

فيرد أوزين على ذلك بالعودة إلى التاريخ، وتحديدًا إلى لحظتي بداية الستينات وبداية التسعينات، حين تقدمت المعارضة بملتمس الرقابة وقرأه نائب اتحادي، في حين أن الاستقلاليين كانوا هم القوة الأولى في المعارضة عددياً…

نسي السيد أوزين أن يحدد أين كان موقع الحركة الشعبية حين تقدمت المعارضة الوطنية بملتمس الرقابة في مواجهة الحكومة آنذاك؟

كما نسي أن التقدم بملتمس الرقابة آنذاك كان بمثابة تحدٍ للدولة بأكملها، وليس للحكومة فقط كما هو الحال اليوم.

فالتقدم يومها بملتمس الرقابة كان يتطلب جرأة وشجاعة، وقدرة على تحمّل عواقبه: سجنًا أو نفيًا.

هذا بالنسبة للنواب الذين وقعوا على الملتمس، أما من سيقرأه، فكمن يفتح عليه أبواب جهنم.

ولذلك، فقيام نائب اتحادي بذلك كان يعبر عن شجاعة سياسية، وليس كما هو الحال اليوم، حيث تلاوة ملتمس الرقابة تشبه جلسة تصوير.

فشتّان بين التاريخين.

على العموم، إذا كان الاتحاد الاشتراكي قد انسحب من ذاك التنسيق، وأصدر بلاغًا يعلل موقفه، وطوى تلك الصفحة، وانتقل لأمور أخرى، فلماذا يُصرّ الآخرون، ممن بقوا متكتلين – أو هكذا يُصورون الأمر – على العودة إلى هذه النقطة، موهمين الناس أن الاتحاد أنقذ الحكومة؟

في حين كان بإمكانهم أن يستمروا في طرح ملتمس الرقابة بعد انسحاب الاتحاد الاشتراكي.

ألم يقل أوزين في ذات البرنامج إن ملتمس الرقابة يودعه أي برلماني باسمه الشخصي، وليس باسم حزب أو فريق أو مجموعة نيابية؟ بل وحتى قراءته تُحسب على البرلماني الذي قرأه، حسب الشكليات القانونية؟

لقد قال هذا وهو مزهوّ بأنه ضليع في القانون المنظم لعمل المجلس النيابي، وبأنه نائب رئيس مجلس النواب.

فلماذا لا يُظهر لنا “حنّة يديه” ويودع هذا الملتمس باسمه؟

لماذا هذا الإصرار على تصوير الاتحاد الاشتراكي على أنه من يُفشل المبادرات الوحدوية، في حين أن العكس هو الحاصل؟

استمر الحزب في الحضور للقاءات التنسيق، فيما أمين عام حزب في المعارضة يتهجم بشكل أسبوعي على الاتحاد الاشتراكي وقيادته، إلى أن طفح الكيل، ورفض الاتحاديون منطق: التنسيق في غرفة البرلمان، والتهجم في غرفة صالون أمين عام حزب…

الاتحاد، حين كان فريقًا في المعارضة، سبّاقًا إلى طرح فكرة لجنة تقصي الحقائق بخصوص دعم الماشية، لم يضع العصا في العجلة، بل التحق بالمبادرة ودعمها.

قيادية اتحادية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *