يأتي الاحتفال بعيد الشباب المجيد كتذكير بالفرص القادمة التي تنتظر المغرب، والتي تتطلب مشاركة فعالة للشباب في الأوراش الوطنية الكبرى، مثل استضافة كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال

*محمد بن إدريس

تشكل ذكرى عيد الشباب المجيد، الذي يحتفل به الشعب المغربي يوم الخميس 21 غشت 2025، مناسبة وطنية لإبراز الدور المحوري لجلالة الملك محمد السادس في النهوض بالشباب باعتبارهم العمود الفقري لمستقبل المملكة.

وتكتسب هذه المناسبة السعيدة رمزية مضاعفة بتزامنها مع الذكرى الثانية والستين لميلاد صاحب الجلالة، ما يجمع بين استمرارية القيادة الملكية الحكيمة واستثمار الطاقات الشابة في رسم مستقبل البلاد، في سياق يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية على المستوى العالمي.

ويتيح هذا اليوم الوطني الكبير فرصة لتسليط الضوء على السياسات والمبادرات الملكية لفائدة الشباب منذ تولي صاحب الجلالة العرش عام 1999، كما يوفر إطارًا لتحليل الفرص والتحديات التي تواجه هذه الفئة الحيوية في ظل التحولات الدولية المتسارعة.

وكشفت آخر معطيات الإحصاء العام للسكان لعام 2024 أن المغرب يمتلك قوة ديموغرافية شبابية فريدة؛ إذ يشكل الشباب بين 15 و24 سنة أكثر من 16% من مجموع السكان، فيما تمثل الفئة دون 15 سنة نحو 27%.

ويبلغ عدد المواطنين دون سن 35 أكثر من نصف سكان المملكة.

ويعكس هذا التوزيع السكاني دينامية عمرية يمكن توظيفها لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتحويل الطاقات الشبابية إلى محرك فعلي للابتكار والتنمية المستدامة.

يعد الشباب المغربي ثروة استراتيجية، ليس فقط لما يمتلكونه من طاقة وحيوية، بل لما يمكن أن يقدموه من إبداع وابتكار وقدرة على التأقلم مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية.

وتؤكد الرؤية الملكية المتبصرة أهمية توفير أرضية خصبة لنمو الشباب الشخصي والمهني، عبر تمكينه من التعليم الجيد والتكوين المهني الذي يواكب متطلبات سوق الشغل ويزوده بالكفاءات اللازمة للمنافسة محليًا ودوليًا.

كما تشمل هذه الرؤية الملكية خلق فرص عمل لائقة ومستدامة، وتفعيل روح المبادرة المقاولاتية، وتعزيز المشاركة المواطنة والانفتاح على المؤسسات المدنية والسياسية، بما يتيح للشباب المساهمة الفاعلة في رسم مستقبل المملكة.

وفي هذا الإطار، أطلق جلالة الملك سلسلة من المشاريع الداعمة للشباب، شملت التعليم والتكوين، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال؛ فقد تم تطوير برامج التعليم العالي لتزويد الشباب بالكفاءات والمعارف اللازمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة، ودعم البنية التحتية للمراكز العلمية والابتكارية، وإنشاء مختبرات ومراكز رقمية لتعزيز الإبداع وتنمية مشاريع الشباب.

كما شملت هذه المشاريع إنشاء صناديق للتمويل ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل ولوج الأسواق المحلية والدولية، مع تقديم التكوين والمواكبة لضمان نجاح المشاريع، وهو ما يعكس استجابة الرؤية الملكية لمتطلبات الاقتصاد العالمي القائم على الابتكار والتكنولوجيا.

وفي نفس السياق، أولت المؤسسة الملكية اهتمامًا خاصًا ببرامج التكوين المهني في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات والتكنولوجيات الحديثة والطاقات المتجددة، بهدف تزويد الشباب بمهارات قابلة للتطبيق العملي في سوق العمل، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

يأتي الاحتفال بعيد الشباب المجيد كتذكير بالفرص القادمة التي تنتظر المغرب، والتي تتطلب مشاركة فعالة للشباب في الأوراش الوطنية الكبرى، مثل استضافة كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وهي تجربة غير مسبوقة لتأهيل الطاقات الشابة في مجالات تطوير البنية التحتية الرياضية واللوجستية، والتقنيات الحديثة، وتدريب الفرق المتخصصة في التنظيم والإدارة والإعلام والتطوع.

وتتيح هذه الفرص للشباب اكتساب خبرة مهنية واسعة وتجسيد قدراتهم في مشاريع مهمة تعكس مكانة المملكة دوليًا، كما تعزز روح المسؤولية والعمل الجماعي والابتكار، وتساهم في صقل المهارات الفكرية والمهنية بما يتوافق مع متطلبات الاقتصاد العالمي الجديد.

وتتطلب المشاركة الفعالة تضافر جهود الحكومة، والقطاع الخاص، والمؤسسات الوطنية، والبنوك، والأحزاب السياسية، والهيئات المدنية، لتوفير السياسات الداعمة والموارد والبرامج التكوينية، بما يحول الطاقات الشبابية إلى محرك للتنمية المستدامة وفق رؤية ملكية شاملة.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو 27% من ساكنة المملكة دون سن الخامسة عشر، فيما يمثل الشباب بين 15 و24 سنة نسبة 16% من السكان، ما يستدعي التركيز على برامج التوجيه والمبادرات لتعزيز روح المبادرة وريادة الأعمال، وتوفير بيئة محفزة للابتكار، وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه القوة الديموغرافية النادرة.

وقد عمل جلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، على تعزيز برامج الشراكة بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص لتسهيل إدماج الشباب في سوق العمل، ودعم المشاريع الناشئة، إضافة إلى تطوير برامج التمويل المتخصص، وتوفير الدعم التقني والإداري والتكوين المستمر، بما يمكّن الشباب من التكيف مع التحولات الاقتصادية، والانفتاح على الاقتصاد الرقمي، والابتكار التكنولوجي.

وتظل مناسبة عيد الشباب المجيد فرصة لتأكيد ضرورة تضافر جهود المجتمع المغربي في دعم الشباب، وتحفيز جميع الأطراف من مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، على الاستثمار في الرأسمال البشري لضمان مستقبل مشرق ومستدام للمملكة، وجعل المغرب نموذجًا إقليميًا يحتذى به في استثمار الثروة الديموغرافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *