صادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، مساء الثلاثاء، على مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، في اجتماع ماراثوني دام أكثر من ست ساعات.
وقد تم البت في حوالي 228 تعديلاً، لينال المشروع تأييد 11 نائباً ومعارضة 3، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت، في خطوة تمهيدية حاسمة نحو إقرار إصلاحات هيكلية في المنظومة التعليمية.
عقوبات صارمة لـ “الهدر المدرسي”
أثارت المادة 62 من مشروع القانون جدلاً واسعاً، بعدما تم الإبقاء على مقتضاها القاضي بمعاقبة المسؤولين قانوناً عن رعاية الطفل، الذين لم يتقيدوا بتسجيله عند بلوغه سن التمدرس، بغرامة مالية تتراوح ما بين 2000 و5000 درهم، وتتضاعف هذه الغرامة في حال العود.
هذا القرار جاء رغم دعوات بتعديلات تقدمت بها المعارضة تدعو إلى “اعتماد صيغة التنبيه خلال الوهلة الأولى”.
وقد أكد هذا الإصرار على المادة توجه الدولة نحو استخدام آليات ردعية لضمان إلزامية التعليم ومكافحة ظاهرة الهدر المدرسي.
برادة يتمسك بتمويل الدولة والشراكة
شهدت جلسة المصادقة رفضاً حكومياً قاطعاً لعدد من التعديلات الجوهرية التي طالبت بها فرق المعارضة.
فقد تمسك محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالتوجه الذي يحمله مشروع القانون، رافضاً “تعديلاً يسارياً” يطالب بالتنصيص على أن التعليم “يُموَّل بشكل كامل وأساسي من طرف الدولة، بما يضمن مجانيته في جميع الأسلاك والمستويات”.
في المقابل، تشبث الوزير بإمكانية الشراكة مع الهيئات العمومية والخصوصية من أجل تمويل التعليم العمومي المدرسي، مؤكداً أن الدولة تظل هي الممول الأساسي.
كما رفض برادة إلزام الجماعات الترابية بتخصيص نسبة لا تقل عن 25 في المائة من ميزانيتها الاستثمارية لدعم البنية التحتية التعليمية، معللاً ذلك بـ”عدم إمكانية التنصيص على مقتضيات تخالف القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية”.
رفض “تحديد الأرباح” والتدخل في رسوم المدارس الخاصة
كان قطاع التعليم الخصوصي محور نقاش ساخن، حيث رفض الوزير الوصي على القطاع مطلب تحديد “نسبة الأرباح القصوى” التي يمكن للمؤسسات الخاصة تحقيقها، معتبراً أن ذلك “إجراء منافٍ لمبادئ المنافسة الحرة”.
كما رفض برادة كذلك “إلزام لائحة الرسوم الخاصة بكل مؤسسة تعليمية خصوصية بموافقة قبلية من قبل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين”.
التزام بمحاربة الهدر
من التعديلات التي تم قبولها، تلك المتعلقة بإلزام مؤسسات التعليم المدرسي بالقطاعين العام والخاص باتخاذ تدابير استباقية لمحاربة الهدر والانقطاع المدرسيين، ومواكبة المتعلّمين المعرّضين للفشل المدرسي.
في المقابل، رفض المسؤول الحكومي إلزام وزارته بـ “وضع برامج دعم موسّعة وشاملة للفئات في وضعية هشاشة والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، تشمل الإيواء والنقل والإطعام والدعم التربوي، بشكل مجاني وكامل”.
كما شمل الرفض الحكومي مطلباً لـ”إحداث هيئة وطنية مستقلة لتقييم أداء الأطر التربوية والإدارية وتطوير مساراتهم المهنية”، بالإضافة إلى رفض إنشاء لجان جهوية وإقليمية للنظر في الخلافات بين الأسر ومؤسسات التعليم، عوض الاقتصار على لجنة وطنية واحدة.
ويُنتظر أن يُحال مشروع القانون، في صيغته النهائية المعدلة، على الجلسة العامة لمجلس النواب للمصادقة النهائية.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
