ياسين عدنان
كنت قد حضرت في أواخر شعبان ما قبل الماضي لقاء في “دار الشريفة” مع حسن أوريد حول كتابه “أفول الغرب”. التأمنا بعد اللقاء على سفرة عشاء. وهناك حدثني أوريد عن كتابه “رَواء مكة” الذي لم أكن قد اطلعت عليه بعد.
في رمضان الماضي كنت أهيء أولى حلقات “بيت ياسين”، وكنت قد اقترحت على أوريد أن يكون ضمن أول قائمة للضيوف. لذا عكفت على قراءة أعماله الأخيرة في رمضان. في مثل هذا الشهر، وفي مثل هذا الحر، العام الماضي.
وفعلا كان لكتاب “رَواء مكة” بالذات جاذبيته الخاصة في صهد مراكش الرمضاني. كتاب لا هو بالسيرة الأديبة الخالصة ولا بالدراسة الفكرية الرصينة. لكنه جُماع سوانح واستذكارات لذاكرة ثرة يقظة وحديقة تأملاتٍ صادرة عن قلق جميل وتفكُّر نبيل.
هكذا وجدتني أهيئ أهم مفاصل الحوار انطلاقا منه. وحتى التقديم الذي اخترتُ حينذاك لحلقة أوريد في “بيت ياسين” اجتزأته من هذا الكتاب: “لِمَ أقيمُ في بيتٍ ليس لي؟ بيتُ الغرب. سكنتُه أول مرة بلا مقابل. سكنتُ بيت الغرب، وقد تحللتُ من ربقة الماضي وعوائق التراث. لكن البيتَ الذي آويتُ إليه يضيق عليّ. فبُنود البيت تضيق كل يوم، ورَبُّ البيت لا يحترمها. يدعو إلى حقوق الإنسان ويغتالها. يدعو إلى الحرية ويُمالئُ الاستبداد. يدعو إلى حكم القانون ويغتني بالاستغلال. كنتُ تعبًا حقا من أن أسكن بيتًا ليس لي. وكانت هناك إشراقات تُغري بأن أعود إلى بيتي الأول. بيتي الذي سمعتُ فيه صوت القرآن يُتلى من الفجر ويصدح به والدي. وفي ما ناغتني به والدتي من أشعار أمازيغية في مدح الرسول”.
واليوم، وكتاب “رَواء مكة” يتصدّر السجال الثقافي الرمضاني في المغرب أعود إليه وإلى الحلقة بغبطة ورضى. فمرحبا بكل نقاش -مهما بدا مُبتسرا واختزاليا- ما دام قد نجح في توجيه اهتمام الناس إلى كاتب وكِتاب.
