يسود غضب واسع في صفوف نشطاء أمازيغ على خلفية الصمت الذي يقابل به إيمازيغن حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية استمرار تهميش اللغة الأمازيغية داخل هذين الحزبين.

فبالرغم من دسترة الأمازيغية والارتقاء بها إلى لغة رسمية للدولة، تكاد معظم أنشطة ووثائق الحزبين تخلو من أي حضور لها.

قبل أيام، نظم حزب الاستقلال الدورة العادية الثالثة للمجلس الوطني، دون أن تتضمن وثائقه أو لافتاته أو نقاشاته أي استعمال للغة الأمازيغية، في مشهد يتكرر كل دورة. ويحدث هذا رغم أن الحزب، شأنه شأن العدالة والتنمية، يضم قيادات تنحدر من مناطق أمازيغية لغةً وثقافةً.

ورغم أن حزبي الميزان والمصباح يراكمون أصواتًا مهمة من الناخبين الأمازيغ—سواء في سوس بالنسبة لآل قيوح، أو في الأطلس والشرق بالنسبة لعبد الله بووانو—لم يشفع ذلك للغة الأمازيغية كي تُحترم في ممارسة الحزبين السياسية والتنظيمية.

يقول المفكر الأمازيغي أحمد عصيد:
«نظّم حزب الاستقلال الدورة العادية الثالثة للمجلس الوطني، ويبدو أنه اختار التواجد خارج الدستور ومرجعيات الدولة بالاعتماد على لغة واحدة في لافتاته، وتجاهل اللغة الأمازيغية الرسمية تجاهلًا تامًا».

وأضاف: «نتفهم أن الحزب في تاريخه كان شديد العداء للغة الأصلية الأولى لسكان المغرب، باعتبارها “تهديدًا لوحدة البلاد” (كذا!)، لكن من الواقعية السياسية أن يتقبل الحزب هزائمه المتتالية في هذا الموضوع، وأن يتخلى عن عنجهيته القديمة ويحترم قرارات الدولة».

وتابع عصيد في تدوينة له: «يقول الحزب في بيانه الختامي إنه سيعمل على (تقوية مناعة الحزب لمواجهة التحديات القادمة)، ونحن نقول إن أولى التحديات التي تضعف مناعته هي بقاؤه رهين الماضي البعيد، وعدم قدرته على تصفية الحساب مع جموده الإيديولوجي ومفهومه المتقادم للوطنية الاختزالية».

وقد أثارت تدوينة عصيد، كما عاينت ذلك جريدة le12.ma، موجة واسعة من التعليقات التي اعتبرت أن حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية يديران ظهريهما للغة الأمازيغية.

يقول أحمد زربان في تعليقٍ له:«في نظري، المشكل ليس في الحزب، بل في إيمازيغن المنخرطين والمناضلين تحت رايته. فإن لم يستطيعوا النضال من داخله لفائدة تمازيغت، عليهم أن ينسحبوا ويقدموا استقالتهم فورًا».

ويتساءل عبد الرحيم أحنشان: «لماذا بلع الأمازيغ الممثلون داخل دواليب الحزب ألسنتهم؟ ألم يهمهم الأمر؟ أم أن مصالحهم الخاصة أهم من فرض احترام أهم مكوّن للهوية الوطنية؟».

أما سعيد العليوي فكتب: «يجب على الأمازيغيين عدم التصويت على حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، لأنهما ينكران وجود اللغة والوجود الأمازيغي».

في المقابل، أشاد متفاعلون بجهود عدد من الأحزاب المغربية، وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار، في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

ويُعد عزيز أخنوش، رئيس الحزب ورئيس الحكومة، أحد أكثر المسؤولين الذين راكموا خطوات عملية في تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وظل وفيًّا لالتزامه بهذه القضية عبر مختلف مواقع مسؤوليته.

فقبل عام، حضر أخنوش الاحتفالات بالسنة الأمازيغية 2975 بالعاصمة الرباط، إلى جانب المستشار الملكي أندري أزولاي وشخصيات رسمية وثقافية.

لقد كان الحفل مناسبة للتأكيد على انخراط الحكومة في التنزيل الفعلي للطابع الرسمي للأمازيغية.

وقد شهد الحفل توقيع اتفاقيتين غير مسبوقتين بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة من جهة، وعدد من الوزارات والمؤسسات العمومية من جهة أخرى، بهدف تفعيل البرنامج الحكومي لتيسير الخدمات باللغة الأمازيغية.

ويأتي ذلك في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية بشأن هذا الورش الوطني.

كما تخلل الحفل تكريم ثلاثة من رواد الأغنية الأمازيغية: حادة أوعكي، علي فايق، ومصطفى سوليت.

وهكذا، تواصل الحكومة تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية على أرض الواقع، بعد سنوات من الاكتفاء بالخطابات الشعبوية غير المقرونة بالفعل.

وبالعودة إلى السياق العام، فإن الفضل في التسريع بهذا الورش يعود بالأساس إلى الإرادة الملكية الواضحة، والالتزام الحكومي، ونضالات المجتمع المدني.
وقد تُوّج هذا المسار باعتماد اليوم الوطني للأمازيغية يومًا مدفوع الأجر في الرابع عشر من يناير من كل عام.

وفي ظل هذا الواقع الجديد، أصبح من الواجب على حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية عدم التخلف عن الإجماع الوطني حول دستورية اللغة الأمازيغية، والمشاركة الفعلية في تنزيل طابعها الرسمي، التزامًا بروح المغرب الجامع.

تقرير إخباري من إعداد: فاطمة السوسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *