شهدت مدينة بوزنيقة مساء اليوم الجمعة افتتاح المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تحت شعار “مغرب صاعد.. اقتصاديا واجتماعيا ومؤسساتيا”، في مشهد سياسي غني بالدلالات.

الجلسة الافتتاحية تحولت إلى ما يُشبه “عرس سياسي” للاتحاديين، تميز بحضور حكومي وحزبي وازن، قابله غياب لافت لحزب العدالة والتنمية (البيجيدي)، المعارض هو الآخر، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقات بين مكونات الساحة الحزبية في المرحلة الراهنة.

أخنوش والمنصوري يتصدران الحضور

تصدّر المشهد رئيس الحكومة والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي حضر المؤتمر إلى جانب عدد من الوزراء، أبرزهم عبد اللطيف وهبي، وزير العدل.

هذا الحضور الرفيع من قيادة الأغلبية الحكومية يعكس على ما يبدو رسالة توافق واحترام للاتحاد الاشتراكي، الذي رغم وجوده في المعارضة، يحظى بمكانة تاريخية في المشهد السياسي المغربي.

كما سُجِّل حضور قيادات أحزاب التحالف الحكومي والأحزاب الوطنية الأخرى، من قبيل فاطمة الزهراء المنصوري (المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة)، ونزار بركة (الأمين العام لحزب الاستقلال)، ومحمد نبيل بنعبد الله (الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية)، إضافة إلى ممثلي هيئات نقابية وحقوقية.

هذا الحشد من القيادات يؤكد على أهمية الحدث بالنسبة للساحة الحزبية، ويبرز انفتاح “حزب الوردة” على مختلف الأطياف السياسية والنقابية.

غياب “العدالة والتنمية”: مقاطعة ذات دلالة؟

في المقابل، كان الغياب الأبرز في “عرس لشكر” هو غياب حزب العدالة والتنمية.

ورغم أن الاتحاد الاشتراكي والقوات الشعبية يتواجدان حالياً في صف المعارضة، إلا أن “البيجيدي” لم يحضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، على الرغم من تأكيد مصدر مسؤول داخل “حزب الوردة” للجريدة بتوجيه دعوة رسمية إليه، أسوة بباقي التنظيمات الحزبية.

هذا الغياب يثير علامات استفهام حول الدوافع المحتملة لحزب العدالة والتنمية، حيث قد يعكس الغياب استمرار حالة من التوتر أو التباعد السياسي بين قيادة “البيجيدي” وقيادة الاتحاد الاشتراكي، وبالتحديد أمينه الأول إدريس لشكر

ولطالما شهدت العلاقة بين الطرفين مدّاً وجزراً، وقد تكون مرحلة “البيجيدي” في المعارضة قد أعادت إحياء بعض الخلافات.

وربما يمثل الغياب اعتراضاً ضمنياً من “البيجيدي” على الخيارات السياسية الأخيرة للاتحاد الاشتراكي، أو موقفه من الحكومة الحالية.

فالاتحاد الاشتراكي، رغم معارضته، يحافظ على قنوات اتصال وعلاقات جيدة نسبياً مع الأغلبية الحكومية، خاصة رئيسها، وهو ما قد لا يتوافق مع رؤية “البيجيدي” لمعارضة “متشددة”.

ويمكن تفسير المقاطعة أيضاً كمحاولة من حزب العدالة والتنمية لترسيم حدود واضحة بين معارضته ومعارضة الاتحاد الاشتراكي، مع تباين في الأجندات أو الاستراتيجيات.

فـ”البيجيدي” يسعى لإعادة بناء صفوفه وتقديم نفسه كمعارض رئيسي وقوي بعد خروجه من الحكومة.

تأكيد على “نقطة انطلاقة جديدة”

وفي ختام الجلسة، أكد يوسف أيدي، عضو المكتب السياسي للحزب، على أن هذا المؤتمر سيشكل “نقطة انطلاقة جديدة نحو أفق اشتراكي يعيد إلى السياسة صدقيتها، ويمنح الأمل ملامحه الواضحة”.

وبينما علت الشعارات المساندة للكاتب الأول إدريس لشكر، تظل رسائل الحضور والغياب في هذا المؤتمر دلالات هامة، تؤكد على أن المشهد الحزبي المغربي يشهد تحولات في التحالفات وفي آليات التعبير عن المواقف السياسية، حيث قد تكون رسائل التباعد أكثر وضوحاً في سياق المؤتمرات الحزبية من خلال لغة الغياب.

إدريس لكبيش / Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *