*كريم شوكري
نزولا عند إلحاح بعض الأصدقاء الأعزاء الذين كشفوا منذ أيام عن رغبة حثيثة في إزالة كل التباس يقترن باستعمال هذين المفهومين..
و تماشيا مع رغبتتا نحن أيضا لتقاسم عصارة نقاشنا الهادف الذي اختمر عبر منصات تواصلية خاصة..
و إصرارا منا على تحذير مستعملي محركات البحث في مساعيهم لشرح المفاهيم و المصطلحات، من مغبة السقوط في منشورات اختزالية لا ترقى البتة إلى الإحاطة العلمية بالنظم المفاهيمية كما هي متداولة عبر عدة تخصصات، من ضمنها مجال التسويق الرياضي الذي يؤطر مفاهيم من عيار الاحتضان و الاستشهار و الشراكة و الميسينا mécénat..
المفاهيم بطبيعتها مطاطية لا تستقر على تعاريف قارة و دائمة، و قد نفهم الأمر جيدا حينما نميز بين ثلاث استعمالات للمفاهيم:
1/الاستعمال اللغوي..
2/الاستعمال الاصطلاحي..
3/الاستعمال الاجرائي (opérationnel)..
و عليه فالاستخدام الإجرائي المومأ إليه أعلاه هو التوظيف الذي خضع له مفهوم الاحتضان ليكتسح مساحات شاسعة بعيدا عن مفهوم الاستشهار..
و عادة ما يلجأ الخبراء و المتخصصون إلى الآلية الإجرائية في توسيعهم مجال استعمال المفاهيم قياسا إلى المتغيرات التي تطرأ عادة على الواقع و الممارسة، لتصبح بذلك العديد من المفاهيم قابلة للتفاعل مع بعض المستجدات وفق مرونة لا تخرج طبعا عن المواضعات اللسانية linguistique..
استعمال المفاهيم يتغير بتطور التجربة.. و بما أن تجربة التسويق الرياضي قد شهدت متغيرات نوعية على المستوى العلائقي و التعاقدي منذ ترسيم الميثاق الأولمبي على هامش مؤتمر باريس المؤسس للحركة الأولمبية الدولية سنة 1894م، مرورا بسياق تحكم لوبيات المال و الإعلام في صناعة الفرجة مع ما رافق هذه الدينامية من الإرتقاء بالاقتصاد الرياضي إلى احتلال المركز الثالث عالميا، ففي غمرة هذا الحراك الرياضي تشكلت مسافة مديدة بين مفهوم الاحتضان الذي يفرض التزامات عديدة و نوعية من ضمنها مثلا: “ضمان الاندماج المهني للاعبين داخل المؤسسة الراعية..”، حسب المرجع الذي ألفه ذ.الحبيب الدقاق تحت عنوان: “الاحتضان قانون و ممارسة”، ثم مفهوم الاستشهار الذي يقتصر على “الدعاية من خلال نشاط ثقافي، ترفيهي أو رياضي مقابل مساهمة مالية متفق عليها بين الطرفين المتعاقدين”، طبقا لما أورده الدكتور عبد الرزاق العكاري..
و نظرا لتشعب الموضوع و خصوصيته العلمية، سأكتفي بإحالة أصدقائي الأعزاء على دراسة قيمة سبق أن أنجزها الدكتور عبد الرزاق العكاري تحت عنوان: “الرياضة بالمغرب”، و هي طبعا دراسة تفيض بمعطيات دالة على التحولات التي لحقت الحركة الرياضية العالمية في مسارها المتدرج من هواية محكومة بالمثل و القيم الإنسانية، إلى احتراف ممهور بمقولات ميركانتيلية لا تنضبط سوى لمعايير العرض و الطلب..
رأينا صواب يحتمل الخطأ و رأي من يختلف معنا خطأ يحتمل الصواب..
دمتم في رعاية الله..
*كاتب/صحفي
