رحل عن عالمنا الإعلامي والممثل المغربي القدير محمد الوالي، المعروف بـ “علي حسن”، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا وإعلاميًا غنيًا امتد لأكثر من خمسة عقود.

الرباط / محمد ابن إدريس

فقدت الساحة الإعلامية والفنية المغربية صباح يوم الإثنين 25 غشت الجاري الإعلامي والممثل المغربي محمد الوالي، المعروف باسم “علي حسن“، عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد مسيرة طويلة ومؤثرة تركت بصماتها في الذاكرة الجماعية للمغاربة.

لم يكن “علي حسن” مجرد مقدم برامج أو ممثل، بل كان شخصية محورية جسدت العلاقة بين الإعلام والفن، وساهمت في نشر الثقافة السينمائية وتعزيز وعي الجمهور الفني منذ بداية مسيرته سنة 1964 في الإذاعة والتلفزة المغربية، المعروفة حاليًا بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.

امتدت مسيرته على مدى أكثر من خمسة عقود، حيث تولّى تقديم الأخبار التلفزيونية والإذاعية، وإعداد وتقديم برامج متخصصة في السينما مثل “سينما الخميس” و”نادي السينما” و”Entr’Acte”، ولكل برنامج أثره الخاص في المشهد الثقافي المغربي.

فقد ركّز برنامج “سينما الخميس” على تحليل الأفلام وربط الإنتاج الروائي بالإبداع السينمائي، ما ساعد الجمهور على فهم السينما كفن لا يقتصر على الترفيه فقط.

أما برنامج “نادي السينما”، فقدم مساحة للحوار والمناقشة النقدية، مما ساهم في ترسيخ الحس الفني لدى المتابعين وإشراكهم في تقييم الأعمال السينمائية.

فيما قدّم البرنامج الإذاعي “Entr’Acte” منصة للتعريف بالسينما المغربية والعالمية وربط الصوتيات السمعية بالإبداع البصري، ما عزز التفاعل الفني لدى المستمعين.

نجح علي حسن من خلال هذه البرامج في تثقيف الجمهور وتعزيز وعيه الفني والسينمائي، ورفع مستوى النقاش حول الفن السابع في المغرب، مؤكّدًا أن الإعلام الثقافي يمكن أن يكون أداة فعّالة لبناء مجتمع مطلع ومثقف.

كما أن تنوعه بين التلفزيون والإذاعة مكّنه من الوصول إلى شرائح واسعة من الجمهور، ما عزز حضور السينما في الحياة اليومية للمغاربة وجعلها جزءًا من هويتهم الثقافية.

ويظهر تحليل مسيرته أن تأثيره لم يقتصر على البرامج نفسها، بل شمل تغيير أسلوب تناول السينما في الإعلام المغربي، وجعل الحوار حول الأفلام أكثر عمقًا واحترافية، كما ساهم في نشر ثقافة نقدية لدى المتلقي، وجعل السينما أداة تعليمية وإبداعية في الوقت ذاته.

برحيله، تخسر الساحة الإعلامية والثقافية المغربية رمزًا من رموزها، لكن إرثه سيبقى حاضرًا في ذاكرة المجتمع، مصدر إلهام للأجيال القادمة، ودليلًا على قدرة الإعلام والفن على تشكيل وعي جماعي متماسك.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه والمجتمع المغربي الصبر والسلوان، مع التأكيد على أن إرثه الثقافي والإعلامي سيظل حاضرًا، محفزًا لكل من يسعى إلى تقدير السينما والفن والثقافة في المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *