أكد المدرب الركراكي– وهو محق – أن المنتخب المغربي لن يتحمس بجمهور يُؤتى به إلى الملعب ليلتقط الصور والفيديوهات، ويقول لمتابعيه: “شوفوني أنا في الملعب”، ويرسل رسائل تثلج صدور المتحكمين في الجامعة .

*حسن العطافي

لا أزعم أن وليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم، تعمّد بعث رسائل مشفّرة وهو يعيش نشوة التأهل إلى المونديال لأول مرة في تاريخه، لأن حضور المونديال عام 2022 كان بالنسبة له هدية من السماء.

ومع ذلك، من حقي أن أقول إني استنبطت من خلال تصريحه عقب الإنجاز المذكور عدة رسائل.

فقد قال المدرب نفسه: سنكون في حاجة إلى جمهور يدفعنا نحو الفوز، لأن مبارياتنا في نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي ستقام في المغرب لن تكون سهلة مثل مباراتنا ضد النيجر.

أكد المدرب – وهو محق – أن المنتخب المغربي لن يتحمس بجمهور يُؤتى به إلى الملعب ليلتقط الصور والفيديوهات، ويقول لمتابعيه: “شوفوني أنا في الملعب”، ويرسل رسائل تثلج صدور المتحكمين في الجامعة، وهي شعبوية في أبهى تجلياتها، لأنهم يسمعون المسؤولين الكلام الذي يحبون سماعه.

الحقيقة التي لا مراء فيها أن منتخبنا في حاجة إلى جمهور قادر على أن يهزّ الملعب تحت أقدام المنافسين، ويحفّز لاعبينا حين يستعصي الأمر عليهم، لأن المنتخب الوطني وهو يلعب في أرضه سيكون المنتخب الذي يتطلع المنافسون إلى هزيمته.

وبالتالي، لن تكون مهامه سهلة، ولن يساعده في مهمته الصعبة “المؤثرون” الذين يضايقون الجمهور لأنهم نقطة ضعف، ويقتلون الحماس، ويضايقون الصحافة لأن الجامعة تقصي الصحافة بسخافة، وتعتمد عليهم في “الترويج” و”التغطية”، ليس بالمعنى المهني، بل بمعنى التغطية على العيوب.

الرسالة الأخرى التي التقطتها من تصريحات الركراكي هي أن المباراة فعلاً مرّت على خير، لأنها ليست كباقي المباريات.

ومعناه أنها كانت غاية في السهولة ضد منافس خاض أغلب مراحل المباراة غير مكتمل العدد، ويقلّ مستوى لاعبيه عن مستوى لاعبينا.

قد يقول البعض إني أبخس المنتخب الوطني حقه وأفسد الفرحة بإنجاز تاريخي، لكني في الحقيقة أنظر إلى الجزء الآخر من الكأس، وأدق ناقوس الخطر، لأن بعض العادات غير الصحية تؤثر على تركيز “الأسود”، وربما لن ننتبه إليها إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس.

أنا لا أريد أن تصيبنا الفأس، بل أريد أن نتخلص من الحركات الفلكلورية ونؤجلها إلى ما بعد الظفر باللقب القاري. لقد استضفنا التظاهرة عام 1988 وأضعنا فرصتين: الأولى الظفر باللقب، والثانية الفوز برئاسة “الكاف” أو بمنصب مهم داخل الجهاز القاري.

إذا لم تكن الجامعة ترغب في أن تجعل من تكريم اللاعبين الدوليين السابقين نشاطاً ذا طابع فلكلوري، فمن الأفضل الاحتفاء بهم بعيداً عن مرحلة التحضير والتركيز على المباريات.

ما قلته مبني على تجارب سابقة؛ ففي سنة 1987 واجه المنتخب الوطني نظيره الإيفواري في إطار تصفيات أولمبياد سيول 88 ذهاباً، وانتهت المباراة بالتعادل السلبي. وقبل خوض مباراة الإياب في ملعب مجمع محمد الخامس بالدار البيضاء بيوم واحد، أي يوم السبت، جرى تنظيم حفل تسليم الكرة الذهبية الأفريقية لعام 1986 لمحمد التيمومي، وعام 1987 للزاكي بادو، بفندق حياة ريجنسي من طرف مجلة فرانس فوتبول.

وكان من الصعب وسط الازدحام وكثرة اللقاءات الصحفية أن يحافظ اللاعبون على تركيزهم، خصوصاً أنهم بعد الحفل كانوا ملتزمين بالعودة إلى مقر الإقامة في المحمدية.

الحقيقة اصطدمنا بها يوم المباراة، حيث تقدّم “الأسود” في الشوط الأول بهدف مصطفى الحداوي من ضربة جزاء، وفي الشوط الثاني أحرز المنتخب الإيفواري هدف التعادل، واقترب المنافس من التأهل. كان الوقت يمضي سريعاً وشعرنا بأن إقصاء منتخبنا وشيك، لولا أن مصطفى البياز وضع حداً لسوء الحظ وأحرز هدف الفوز.

بعد انتهاء المباراة وتأهل “الأسود”، اتضح للجميع أن حفل السبت كان له دور سلبي وأثر على التركيز.

ولو لم يكن منتخب النيجر في المتناول، كان من الممكن أن نعيش على أعصابنا قبل الاحتفال.

ما ينبغي تأكيده أنه ليس في كل مرة تسلم الجرة؛ ربما مرّت العملية بسلام في وجدة وفاس وأيضاً في الرباط، لكن الخوف كل الخوف أن نواجه استعصاء مماثلاً لما عشناه عام 1987.

في الختام، أؤكد أني لست ضد الاعتراف بخدمات اللاعبين الدوليين السابقين، لأنهم أكبر من لحظة تسلّم “حقيبة” هدايا وصور، لكن ينبغي ألا يكون ذلك على حساب تركيز المنتخب الحالي.

*كبير الصحفيين الرياضين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. برئيي هكدا خاص يكون شخصية الواحد باش يستاحق تدريب الفريق الوطني . مدرب من العيار الثقيل يضاهي مدربي المبتخبات الاقوى . بالتواضع و عدم التبجج او الغرور بالانجازات . بل التركيز على التفاني والدقة والاحتياط . شكرا لك وهنيئا لنا بك .