جوائز المغرب في كأس العرب لمسح دموع فاس وأسفي، اتفق على مدرب المنتخب الوطني طارق السكتيوي، مع مجموع لاعبيه.

طارق السكتيوي، مدرب المنتخب الوطني الرديف، هو واحد من أبناء مدينة فاس البررة، والكبير عبد الرزاق حمد الله، هو إبن مدينة أسفي، الولادة..

في زمن أصبحت فيه لغة الأرقام والإنجازات تطغى على المشهد الرياضي، اختار المدرب المغربي طارق السكتيوي أن يعيد توجيه البوصلة نحو جوهر الرياضة ومعناها الإنساني.

ففي تصريح مؤثر لقناة “الكاس”، كشف السكتيوي عن مبادرة تضامنية نادرة، حين أكد أنه تحدث مع جميع اللاعبين حول تخصيص كل ما سيُجنى من مشاركتهم في كأس العرب لمساعدة المتضررين في مدينتي آسفي وفاس، قائلاً: “داكشي لي غادي نربحوه من كأس العرب، نساعدو به الناس في مدينة آسفي وفاس.. وكنتمنى حتى المكافأة ديال كأس العرب نساعدهم بها إن شاء الله.”

هذا الموقف، الذي تجاوز حدود المستطيل الأخضر، يعكس معدن رجل آمن بأن الانتصار الحقيقي لا يُقاس فقط بالكؤوس والميداليات، بل بقدرة الرياضة على تضميد الجراح وبعث الأمل في نفوس المنكوبين. فحين تسمو القيم على النتائج، يولد المعنى الحقيقي للرياضة، وتتحول المنافسة إلى رسالة تضامن وإنسانية.

وتكتسي هذه المبادرة بعداً خاصاً بالنظر إلى القيمة المالية الكبيرة لجوائز كأس العرب 2025، التي تُعد الأعلى في تاريخ المسابقة، إذ تبلغ 36.5 مليون دولار، موزعة على النحو التالي:

7.1 مليون دولار للبطل، و4.2 مليون دولار للوصيف، و2.8 مليون دولار لصاحب المركز الثالث، و2.1 مليون دولار للمركز الرابع، إضافة إلى 1.07 مليون دولار لبلوغ ربع النهائي، و715 ألف دولار لكل منتخب مشارك.

أرقام ضخمة، اختار السكتيوي أن يمنحها بعداً إنسانياً في لحظة وطنية عصيبة.

فمدينة فاس ما تزال تعيش على وقع فاجعة انهيار بنايتين سكنيتين بحي المستقبل بالمسيرة 2، والتي خلفت 22 قتيلاً و16 مصاباً بجروح متفاوتة الخطورة. حادث مأساوي أعاد إلى الواجهة أسئلة مؤلمة حول احترام معايير البناء والسلامة، خاصة أن البنايتين شُيدتا سنة 2006 ضمن برنامج “فاس بدون صفيح”. وفي الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات القضائية والإدارية لتحديد المسؤوليات، يخيم الحزن والأسى على ساكنة المدينة.

أما مدينة آسفي، فقد واجهت بدورها كارثة إنسانية أخرى، إثر تساقطات رعدية استثنائية تسببت في سيول فيضانية قوية ومفاجئة، أودت بحياة 37 شخصاً، فيما لا يزال عدد من المصابين يتلقون العلاج، بعضهم في أقسام العناية المركزة.

مشاهد الألم والفقدان جعلت الحاجة إلى التضامن أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

في خضم هذه المآسي، يبرز موقف طارق السكتيوي ولاعبيه كرسالة أمل، تؤكد أن الرياضة يمكن أن تكون جسراً للرحمة، وأن الفوز الحقيقي هو ذاك الذي يخفف معاناة الناس ويزرع فيهم الإحساس بأنهم ليسوا وحدهم.

هو درس بليغ في النبل والأخلاق، من المنتخب الوطني بقيادة طارق السكتيوي وعمادة عبد الرزاق حمد الله، يعيد الاعتبار لروح التضامن، ويجعل من كرة القدم لغة إنسانية تتجاوز حدود الملاعب.

*رشيد زرقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *