أعرف كذلك أن الملكية في المغرب، وتحديداً الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله، سبق أن عيّن ولي عهده الأمير مولاي الحسن قدس الله روحه، رئيساً للحكومة “گاع” في عام 1960 .
*الدكتور عبد اللطيف أكنوش
ما أعرفه هو أن الأصل في التدبير السياسي اليومي، أي ممارسة أعمال الشرطة الإدارية، لا تسند إلا للمنتخبين من طرف المواطنين، أو لمن تمّ تعيينهم من طرف رئيس الدولة/الملك باقتراح من رئيس الحكومة المنتخبة يكون عادة من حزبه أو من الأحزاب المكونة لأغلبيته التي هي بدورها تم انتخابها من طرف المواطنين…
هذا ما أعرفه وهذا هو القاعدة العامة في الدول التي اختارت الديمقراطية والملكية الدستورية كنظام حكم وتسيير سياسي…
سبب نزول كلامي هذا، ما سمعته من إشاعة أخبار، عن بعض الصحفيين والمؤثرين اليوتوبيين ومن يجاريهم في خدمة أجندة رئيس الحكومة الأسبق الذي ابتلي به المغرب لعشر سنوات عجاف السيد ولد مفتاحة…حول تكليف ولي العهد الأمير مولاي الحسن بتدبير قطاع الصحة…
أتفهم أن يفوه ولد مفتاحة بهذا النواع من الكلام على عواهنه ومن دون سند قانوني…والذي يريد به تجريح وضرب حكومة السيد عزيز أخنوش على أنها عاجزة عن التسيير السياسي لقطاع مهم كقطاع الصحة، كما تريد أن تفهمنا أن الملك غير راض عن أدائها الحكومي والسياسي والتطبيقي…
أعرف كذلك أن الملكية في المغرب، وتحديداً الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله، سبق أن عيّن ولي عهده الأمير مولاي الحسن قدس الله روحه، رئيساً للحكومة “گاع” في عام 1960 خلفاً للمرحوم مولاي عبدالله ابراهيم…
نعم ولي العهد رئيساً للحكومة، أي على رأس الشرطة الادارية في المغرب بقصد تسيير الإدارات المغربية كاملة…
ولكن هنا تعلّق الأمر بتعيين قانوني، قبل أن يكون للمغرب دستوراً، وليس بتكليف رمزي نظراً لأهمية القرار الذي يروم تكليف شخصية سياسية غير منتخبة على رأس كيان سياسي يتطلب أساساً الانتخاب…ولكن مادام الملك هو السلطة التي تمثل السيادة الوطنية، فأمر تعيينه لولي العهد في منصب رئاسة الشرطة الإدارية، أي تطبيق القوانين ومراقبة تطبيقها، يصبح أمرا مفهوما وسليماً من الناحية السياسية والقانونية والدستورية…
والحال أنه في حالة إشاعة تكليف ولي العهد مولاي الحسن من طرف محمد السادس، لا هو تعيين بظهير تكليف، ولا هو نشر بالجريدة الرسمية، ولا هو حتى تكليف صدر ولو ببيان من الديوان الملكي…
ثم سياسياً، من العاقل الذي بإمكانه أن يصدق أن الملك محمد السادس حفظه الله كلف ولي عهده بالتدبير القطاعي لهذا القطاع الذي هو حكرُ على المنتخبين؟.
من هو العاقل الذي بإمكانه أن يعتقد أن الملكية تخلط بين السيادي شبه المقدّس وأعمال السيادة، وبين التدبير السياسي المدنّس المتروك حكراً للمنتخبين؟.
ايوا زيّروا معانا آصحاب ولد مفتاحة من مجال السياسة ومجال الإعلام واليوتيوب على السواء!.
*أستاذ جامعي في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء
