كشف تقرير الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية لسنة 2024، الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط، عن أداء اقتصادي لافت ومؤشرات إيجابية تعكس نمواً ملحوظاً في خلق الثروة والاستثمار.

فقد بلغ الناتج الداخلي الإجمالي (GDP) بالأسعار الجارية 1596.8 مليار درهم، مسجلاً زيادة قوية بلغت 7.9% مقارنة بعام 2023.

وقد ارتفع إجمالي الدخل الوطني المتاح إلى 1709.1 مليار درهم بزيادة 7.7%، مدعوماً بنمو دخل الشركات والإدارات العمومية والأسر.

كما تحسن صافي الضرائب على الإنتاج والواردات ليبلغ 11.1% من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل 9.8% سنة 2023.

الشركات.. قاطرة الاقتصاد ومحرك الاستثمار

​أكد التقرير مجدداً الدور المحوري لـ الشركات المالية وغير المالية كأبرز مُحرك للثروة الوطنية، حيث واصلت هذه الشركات ريادتها بمساهمة بلغت 45.7% من الناتج الداخلي الإجمالي.

ولم يقتصر دور الشركات على الإنتاج فقط، بل هيمنت على جانبي الادخار والاستثمار، فساهمت بنسبة 60.3% من الادخار الوطني و 59.2% من إجمالي تكوين رأس المال الثابت (FBCF).

وارتفع إجمالي تكوين رأس المال الثابت بنسبة 13.9% ليصل إلى 422.5 مليار درهم، وكان الارتفاع الكبير في استثمارات الشركات بنسبة 19.9% هو الدافع الرئيسي لهذا التحسن.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى تحول في ميزانية الشركات غير المالية، التي انتقلت من قدرة تمويلية قدرها 11.9 مليار درهم إلى حاجة تمويلية بلغت 8.2 مليار درهم، إضافة إلى ارتفاع حاجة تمويل الشركات المالية إلى 9 مليارات درهم، مما يشير إلى تسارع في استثماراتها.

في المقابل، سجلت القروض البنكية الممنوحة للشركات غير المالية تراجعاً إلى 12.9 مليار درهم، فيما عرفت الشركات المالية انخفاضاً في القروض الممنوحة مقابل تحسن واضح في الودائع.

الأسر.. ارتفاع الدخل وتحسن القدرة الشرائية

​شهدت الأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر مساهمة بنسبة 28.4% من الناتج الداخلي الإجمالي، واستحوذت على 63.1% من إجمالي الدخل الوطني المتاح.

وارتفع الدخل المتاح للأسر إلى 1059.7 مليار درهم بنمو 6.7%، وساهمت فيه الأجور بنسبة 45.3% والدخل المختلط بنسبة 39.4%، بينما سجلت الضرائب على الدخل والمساهمات الاجتماعية تأثيراً سلبياً بلغ 17.6%.

وبلغ الدخل المتاح للفرد 28,808 دراهم بارتفاع 6%. والأهم، سجلت القدرة الشرائية تحسناً ملفتاً بـ 5.1 نقاط، مستفيدة من التباطؤ الكبير في تضخم الاستهلاك الذي لم يتجاوز 0.9%.

وتحسنت القدرة التمويلية للأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح إلى 23.1 مليار درهم، وارتفعت ودائع الأسر بشكل كبير لتصل إلى 86.8 مليار درهم.

ورغم امتصاص الاستهلاك النهائي 89.2% من الدخل المتاح، بلغ معدل الادخار لدى الأسر 11.3%. كما ساهمت الأسر بـ 26.8% من الادخار الوطني و26.1% من الاستثمار.

الإدارات العمومية والتمويل الخارجي

​ساهمت الإدارات العمومية بـ 14.8% من الناتج الداخلي الإجمالي (مقابل 15% سنة 2023)، وامتلكت 20.3% من إجمالي الدخل الوطني المتاح، وسجلت ارتفاعاً في دخلها المتاح بنسبة 10%.

وانخفضت حاجة التمويل لدى الإدارات العمومية إلى 24.4 مليار درهم، حيث أظهرت نتائج العام ارتفاعاً في لجوء قطاع الدولة إلى الدين الداخلي، حيث بلغ صافي تدفق إصدارات الخزينة 48.8 مليار درهم، متجاوزاً بكثير الدين الخارجي الصافي (19 مليار درهم).

وبلغت مساهمة الإدارات العمومية 12.9% من الادخار الوطني و14.7% من الاستثمار الوطني الذي ارتفع بنسبة 3.2% لديها.

الإجمالي والآفاق

​وصل الادخار الوطني إلى 461.7 مليار درهم بارتفاع 11.6%. وبلغت الحاجة إلى تمويل الاقتصاد الوطني ككل 18.5 مليار درهم سنة 2024، أي 1.2% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ما يعكس تسارعاً في الاستثمار العام والخاص.

وتشير هذه الأرقام إلى انتقال إيجابي نحو اقتصاد أكثر ديناميكية، تقوده الشركات الخاصة ويلمس المواطن نتائجه بتحسن ملموس في قدرته الشرائية، مدعوماً بانخفاض التضخم وتحسن صافي الضرائب.

Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *