أهلاً بكم أيها السادة الكرام، يا عشاق الحقوق والمطالب، ويا متتبعي “التخلاط” في زمن اللايف!..
لقد عادت موجة جديدة، أقصد “تخلاط لعرارم” الحقوقي، تلك الظاهرة الموسمية التي تنشط كلما قرر أحدهم أن يخلط بين “حق التعبير السلمي” وبين “فن تكسير الممتلكات”.
الآن، وبكل فخر واعتزاز، نشاهد تجار حقوق الإنسان “المفترى عليها” وهم في أوج نشاطهم، إنهم يقومون بعملية جراحية معقدة لزرع صفة “المناضل” في جسد “المخرب”.
هي خلطة سحرية، تجعل من الشخص الذي اعتدى على بنايات وآليات الأمن، أو كسر زجاج الجار المسكين، مجرد “ضحية اصطدمت مع قانون التجمهر”!..
الغريب في هذا “التخلاط لعرارم” هو الإصرار العجيب على “تبييض” صفحة الجرائم المرتكبة على الملأ، أو كما قالوا: “على اللايف”.
المجرم ارتكب فعله وأعلنه بالصوت والصورة، لكن الأخوة التجار يمتلكون قدرة خارقة على التشكيك في شريط فيديو أو بث مباشر، ثم يضيفون التوابل الحقوقية ليصبح المشهد: السلطة هي التي استفزت المناضل النقي، بل هي من “تخرب نفسها” لتوريطه!..
دعونا نكن واقعيين: عندما تدافع عن شخص خرج للاحتجاج السلمي، واصطدم مع قانون التجمهر، فهذا أمر “مقبول” ويدخل في “ديناميات حقوق الإنسان”.
قد نرفع القبعة احتراماً للجهد المبذول، لكن، عندما تبدأ في التضامن مع من كسر، وأحرق، وروع الناس، فهنا تتحول القضية من “حقوق الإنسان” إلى “الاستثمار في الإنسان”.
هي محاولة لـ “ابتزاز الدولة” مرة أخرى، والركوب على أي موجة غضب عابرة.. وكأنهم يقولون: “أيها الناس، لقد عدنا إليكم بنسخة محدثة من النضال! هذه المرة، قمنا بترقية المخرب العادي إلى “مناضل مخرب” أو “حقوقي مطبع مع العنف والتكسير!”.
الهدف واضح: إعادة تدوير “جيل زيد” المنزعج، ولكن هذه المرة بـ “دربالة الحقوقي” الأنيقة التي تستر العيوب والتخريب.
في النهاية، يبقى السؤال معلقاً: هل سنواصل التصفيق لهذا “التخلاط لعرارم” الذي يميز ببراعة بين من يطالب بحقه ومن يهدد أمن الناس وسلامة ممتلكاتهم؟ أم سننزع “دربالة الحقوقي” عن كل من استغل المظلة النبيلة للحقوق، ليغطي بها أفعالاً لا علاقة لها بالنضال، لا من قريب ولا من بعيد؟..
على الأقل، نرجو من “تجار الحقوق” هؤلاء أن يضعوا لافتة واضحة على “بضاعتهم”: “تخلاط حقوقي. غير مسؤول عن أي ضرر يلحق بالمنطق والقانون والممتلكات!”.
إلى أن يحدث ذلك، فلنواصل مشاهدة هذه المسرحية الساخرة، والضحك على “الدربالة” التي أصبحت ثوباً فضفاضاً يرتديه الجميع، حتى المخربون المحترفون!..
إدريس لكبيش / Le12.ma
