تجدّد النقاش داخل أروقة مجلس النواب حول التعديلات المقترحة من قبل وزارة الداخلية على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بانتخاب أعضاء الغرفة البرلمانية الأولى.

ويتركز الجدل هذه المرة بشكل خاص حول المادة رقم 51 “مكرر”، التي تستهدف معاقبة الأشخاص الذين يبثون أخباراً زائفة بهدف التشكيك في مصداقية الانتخابات، بعقوبات قد تصل إلى الحبس والغرامة.

لفتيت.. “الهجمات تؤكد أن الناس لم يقرؤوا النص”

​في خضم هذا السجال، خرج وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، للرد على الانتقادات الموجهة لهذه المادة، نافياً بشدة أي نية لـ “تكميم الأفواه” أو المساس بحرية التعبير والصحافة.

وأوضح لفتيت أن “الهجمات التي عرفتها هذه المادة المكرّرة تؤكد أن الناس ربما لم يقرؤوا نصّها، بل خرجوا مباشرة ليتحدثوا عن تكميم الأفواه”.

وشدد على أن الهدف الأساسي هو “حماية انتخابات أعضاء مجلس النواب دون المساس بالعمل الصحافي وحرية التعبير”.

حق التشكيك مقابل الدليل.. “شُكْ مْعَ راسْك”

​قدم الوزير توضيحاً دقيقاً للخط الفاصل بين حرية التعبير والتجريم، مشيراً إلى أن “وجود حق لدى الفرد في التشكيك في الانتخابات، لكن دون اختراع أحداث أو وقائع”.

وبلهجة صريحة، أضاف لفتيت مخاطباً المشككين: “شُكْ مْعَ راسْك وتحدث عن وقوع التزوير، وهذا من حقّك، لكن إذا تابعك أحد فآتِ وقتها بالدليل على كل ما نشرته”. 

وهذا يؤكد أن الملاحقة القانونية لن تتم إلا في حال نشر معلومات كاذبة ومفبركة، وليس مجرد التعبير عن الشكوك المشروعة.

حماية الانتخابات من التدخل الأجنبي وتشويه السمعة

​كما أكد وزير الداخلية على بعدين أساسيين تستهدفهما التعديلات الجديدة: أولاً، مواجهة التدخل الأجنبي؛ حيث شدد لفتيت على “ضرورة حماية الانتخابات بالمغرب من أي تدخل أجنبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم إعطاء الفرصة لصياغة العملية الانتخابية في قوالب غير حقيقية”.

وأشار إلى أن هذه الإشكالية تعاني منها “جميع الدول الديمقراطية”، مما يحتم على المغرب اتخاذ تدابير لحماية سيادته الانتخابية.

ثانياً، حماية المترشحين والمؤسسة البرلمانية؛ حيث توقف المسؤول ذاته عند التشدد في حماية المترشحين والمؤسسة البرلمانية ككل، مشيراً إلى أن الوزارة “ذهبت بعيداً في هذا الجانب… ونحن نعرف جيدا العمليات التي يقوم بها أشخاصٌ لتشويه سمعة المترشحين ومجلس النواب والعملية الانتخابية ككل”.

خلاصة القول

​تأتي هذه التعديلات في سياق دولي متسم بارتفاع منسوب الأخبار الزائفة وتأثيرها على المسارات الديمقراطية.

وفيما ترى وزارة الداخلية أن المادة 51 “مكرر” هي درع ضروري لحماية نزاهة العملية الانتخابية وسمعة المؤسسات والمترشحين من التشويه المتعمد والتدخلات الخارجية، يبقى الجدل محتدماً حول كيفية تطبيق هذه المادة دون المساس بسقف حرية التعبير والنقد السياسي، وهو ما يؤكد لفتيت أنه مكفول بشرط إثبات ما يُنشر بالدليل.

إدريس لكبيش / Le12.ma 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *