شهدت قاعة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، اليوم الجمعة، تأجيلاً جديداً في ملف “فساد جماعة الفقيه بنصالح” الذي يتابع فيه الوزير والرئيس السابق للجماعة، محمد مبديع.
وجاء قرار التأجيل، الذي اتخذته الهيئة القضائية برئاسة المستشار علي الطرشي، بسبب وعكة صحية مفاجئة تعرض لها أحد أعضاء الهيئة، مما حال دون مواصلة أطوار الجلسة والاستماع إلى المتهم الرئيسي.
وبناءً على ذلك، قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى غاية الأسبوع المقبل، لاستكمال الاستماع إلى محمد مبديع، المتابع في حالة اعتقال إلى جانب متهمين آخرين في هذه القضية التي تشغل الرأي العام.
مطالب باسترداد 100 مليار سنتيم
تأتي جلسة اليوم الجمعة في أعقاب مطالب مالية وقانونية صادمة تقدم بها دفاع جماعة الفقيه بنصالح خلال الجلسة السابقة.
فقد قدمت الجماعة ملتمساً يقضي بإدانة مبديع وباقي المتهمين، طبقاً لفصول المتابعة وقرار الإحالة وملتمسات الوكيل العام للملك.
وفي تفاصيل المطالب المالية، طالب المحامي صالح مرشدي، ممثل الجماعة في الدعوى المدنية، بإلزام مبديع بإرجاع ما يقارب 100 مليار سنتيم، مؤكداً أن هذا المبلغ يمثل “الأموال العامة المختلسة والمبددة” من ميزانية الجماعة.
وأضاف مرشدي مطلباً إضافياً يتمثل في تعويض قدره 8 مليارات سنتيم لفائدة المجلس الجماعي.
ووصف دفاع الجماعة تلك المبالغ بأنها كانت كفيلة بإحداث نقلة نوعية في البنية التحتية للمدينة وتنشيط الاستثمار المحلي، مشيراً إلى أن الممارسات موضوع المتابعة “ألحقت ضرراً بالغاً” بالفقيه بنصالح، ومنعت إنجاز مشاريع تنموية حيوية.
وقائع ومستندات تكشف الاختلالات
وخلال مرافعته السابقة، قدم المحامي مرشدي أمثلة لما وصفها بـ “الاختلالات الجرمية الواضحة”، مستشهداً بتقارير رسمية.
ومن أبرز ما كشف عنه، صرف مبالغ مالية ضخمة لأحد الممونين دون وجود أي عقد أو اتفاق قانوني، ما اعتبره إثباتاً لـ “غياب احترام قواعد الصفقات العمومية والمساطر القانونية”.
كما توقف الدفاع عند واقعة الشهادتين الطبيتين اللتين قدمهما مبديع لتبرير غيابه عن الضابطة القضائية، مشيراً إلى أن محاضر الشرطة أثبتت وجوده في الرباط في نفس الوقت الذي كان من المفترض أن يخضع فيه للفحص الطبي، وهو ما اعتبره خرقاً يندرج ضمن مقتضيات الفصل 122 من القانون الجنائي المتعلق بصنع أو استعمال وثائق مزورة.
مبديع ينفي ويدافع عن سمعته
من جهته، نفى محمد مبديع نفياً قاطعاً خلال مثوله أمام المحكمة، أي علاقة له بما يُعرف إعلامياً بـ “كريملن بوسكورة”، وهو المشروع السياحي الذي تم هدمه مؤخراً بإقليم النواصر، مؤكداً أن تداول اسمه في هذا الملف مجرد “ادعاءات لا أساس لها”.
وظهر مبديع متأثراً وهو يرد على ما وصفه بـ “الأكاذيب المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي”، معبراً عن استيائه من “حجم الأضرار النفسية والاجتماعية” التي لحقت بعائلته وقبيلته بسبب ما يعتبره حملة تشويه ممنهجة.
واختتم مبديع كلمته أمام هيئة المحكمة مناشداً: “أنا أحاسب أمام القضاء، لكن لا أحد يحميني ممن ينهشون سمعتي وسمعة أبنائي. ألتمس منكم إنصافي ووقف هذه الأخبار التي تقتلني كل يوم”.
ويتابع محمد مبديع بتهم ثقيلة تشمل تبديد المال العام، استغلال النفوذ، التزوير، واختلالات مالية وإدارية واسعة، ضمن محاكمة وصفت بأنها من الأطول في تاريخ جرائم الأموال بالمغرب، وتحظى باهتمام كبير من ساكنة الفقيه بن صالح.
التأجيل يضع مصير القضية قيد انتظار الأسبوع المقبل، حيث من المنتظر أن تستكمل المحكمة الاستماع إلى تفاصيل دفوعات المتهمين ومرافعات الدفاع.
إدريس لكبيش/ Le12.ma
