​التمست النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الجمعة، إدانة محمد مبديع، الرئيس السابق لجماعة الفقيه بنصالح والوزير الأسبق باسم حزب الحركة الشعبية، ومصادرة الأموال المتحصلة من تهمة تبديد واختلاس الأموال العمومية التي يُتابع بها.

​مطالبة بالإدانة ومصادرة الأموال

​في مرافعة مطولة، شدد نائب الوكيل العام للملك، جمال البوزيدي، ممثل الحق العام، على ضرورة إدانة مبديع بتهم ثقيلة تشمل الارتشاء، التزوير، واستغلال النفوذ، بالإضافة إلى تهمة تبديد أموال عمومية.

كما طالب البوزيدي بمصادرة الأموال المحصلة من هذه التهم، مؤكداً أن مبديع، بصفته موظفاً عمومياً ورئيساً للجماعة، كان “مؤتمناً على المال العام”.

وأوضح ممثل النيابة العامة أن اختلاس أموال مرصودة لمصلحة عامة أو خاصة، أو الاستحواذ عليها بسوء نية وخلسة، يجب أن يتم من قبل موظف عمومي، وهو موضوع النازلة.

أما المشاركة في الاختلاس، فتتمثل في إقدام مقاول على اختلاس المبلغ النهائي من مالية الجماعة، رغم علمه أن الأشغال التي تقرر إنجازها لم يتم إنجازها أصلاً أو كاملة أو لم تتم باحترام أو أنها أنجزت بخلاف دفتر التحملات، ما يجعله مشاركاً في جريمة اختلاس أموال عمومية.

​اختلاس ممنهج وقصد جنائي

​سجل المسؤول القضائي أن الوقائع المعروضة على أنظار المحكمة “تكشف بجلاء وجود اختلاس ممنهج للمال العام، واستيلاء على مبالغ مرصودة لمشاريع ذات منفعة عامة”.

قدم نائب الوكيل العام وقائع عرضت على المحكمة، تتوفر فيها عناصر القصد الجنائي، من اختلاس أموال عمومية والمشاركة في الاختلاس، إذ أشار إلى أنه تم الأداء عن أشغال غير منجزة أو منجزة وفق ضوابط ومعايير ليست المحددة في دفاتر التحملات، مستدلاً على ذلك بالصفقة رقم 7/2016، التي أُديت من أجلها مبالغ كبيرة بحكم القيمة التي رصدت لها، لكن أشغالها غير منجزة.

وتابع المسؤول القضائي ذاته في هذا الصدد بأنه بعد تفحص وثائق الصفقة تبين أنها شهدت خروقات أخرى أدت إلى هدر مال الجماعة، مورداً أنه تم الرفع من كمية الأشغال دون خضوع لضوابط قانونية خاصة نص عليها المشرع.

​وقائع تثبت الخروقات وهدر المال العام

​الأمر نفسه، أضاف ممثل الحق العام، بخصوص أداء أشغال غير منجزة تتعلق بالصفقة 12/2014، إذ عرفت تغييراً لمكان الأشغال حسب أهواء صاحب المشروع، مستغلاً في ذلك عدم تحديد الأزقة التي يتعين أن تشملها أشغال هذه الصفقة في سبيل تحقيق أهداف وغايات لم يسطرها إعلان الصفقة لتحقيق مآرب أخرى.

وكشف نائب الوكيل العام أن صفقة أخرى تم أداء مقابلها رغم أن الأشغال لم تنجز وفق ما نص عليه دفتر الشروط الخاص بها، فيما الصفقة رقم 4/2013 أخلت بشروط الجودة المنصوص عليها في دفتر الشروط، وهذا ثابت من خلال شارع علال عبد الله الذي يعد من أهم شوارع الفقيه بنصالح، حيث ظهرت عليه شقوق وعيوب كثيرة مباشرة بعد إنجاز الصفقة.

​المبالغة في الأثمان كشكل من أشكال الاختلاس

​كما بررت النيابة العامة ملتمسها بإقدام المتهمين على الرفع من أثمان الأشغال، إذ أوضحت أن أثماناً عرفت مبالغة في الرفع منها بشكل واضح، وهو ما يندرج وفقها في جناية اختلاس للمال العام.

وقدم ممثل الحق العام أمثلة على ذلك، من قبيل عملية اقتلاع الأشجار، إذ تم رفع عدد الأشجار من شجرتين إلى 232 شجرة، مشيراً إلى أن ما يثير الاستغراب أن المبلغ المحدد لذلك قُدر بـ 6000 درهم عن كل شجرة.

و​تنتظر الآن المحكمة إصدار حكمها في هذه القضية التي تتابع الرأي العام تفاصيلها عن كثب، وتشكل اختباراً حقيقياً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

إدريس لكبيش/ Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *