كشفت منصة “ذا أفريكان إكسبوننت”، المتخصصة في رصد ومتابعة المؤشرات الاقتصادية للقارة الإفريقية، عن تصنيف حديث يبرز الأداء القوي للعملات الوطنية خلال العام الجاري.

وقد احتل الدرهم المغربي مركزاً متقدماً ومميزاً، حيث جاء في المرتبة الثانية ضمن أقوى العملات الإفريقية التي سجلت تحسناً ملحوظاً.

ويرجع التقرير هذا الأداء الإيجابي للعملة الوطنية إلى تضافر مجموعة من العوامل الاقتصادية الهيكلية، يأتي على رأسها توازن تدفقات النقد الأجنبي واستمرار مؤشرات الاستقرار الاقتصادي الكلي للمملكة.

​دعائم الصلابة الاقتصادية

​وبحسب المعطيات الصادرة عن مؤسسات مالية دولية، بما فيها صندوق النقد الدولي، فإن مرونة الاقتصاد المغربي أسهمت بشكل مباشر في تعزيز موقع الدرهم ضمن نظام الصرف شبه المرن.

وقد لعبت قطاعات حيوية دوراً محورياً في هذا التعافي، من أبرزها انتعاش قطاع السياحة الذي ضخ المزيد من العملة الصعبة، وتطور الصناعات التصديرية مثل قطاع السيارات والطيران والطاقة النظيفة، والذي رفع من حجم الصادرات ووفرة العملات الأجنبية بفضل توسيع الشراكات الاقتصادية مع الدول الأوروبية، إضافة إلى ارتفاع إنتاجية القطاع الفلاحي.

إضافة إلى ذلك، أشارت المنصة إلى أن الصلابة البنيوية للنظام المالي المغربي كانت عاملاً حاسماً، حيث أسهمت السياسة النقدية القائمة على التحكم في التضخم والإطار البنكي المستقر، في ترسيخ ثقة المستثمرين ودعم استقرار توقعاتهم.

هذا ما سمح للدرهم بتحقيق ارتفاعات منتظمة دون تسجيل تقلبات حادة.

​صدارة غانية ومنافسة نيجيرية

​على الصعيد القاري، تصدّر السيدي الغاني قائمة العملات الأكثر ارتفاعاً، متجاوزاً مكاسب بنسبة 40 في المائة حتى نهاية شهر ماي.

ويُعزى هذا الارتفاع القياسي إلى الإجراءات النقدية الصارمة التي تبنتها السلطات المالية الغانية وزيادة عائداتها التصديرية، خاصة من ارتفاع أسعار الذهب والكاكاو.

وقد دُعم هذا الأداء ببرنامج إصلاح اقتصادي شامل يركز على الانضباط المالي والشفافية.

وفيما يخص باقي المراكز المتقدمة، حلت النايرا النيجيرية في المرتبة الثالثة، مستفيدة من نمو عائداتها وتوسع أنشطة الخدمات الرقمية.

كما شمل التصنيف عشر عملات إفريقية سجلت تقدماً ملحوظاً خلال العام، من بينها: الشلن الأوغندي، والراند الجنوب إفريقي، والمتكال الموزمبيقي، والبولا البوتسوانية، والشلن الكيني، والفرنك الرواندي، والكواشا الزامبية.

​استنتاجات حول المشهد الإفريقي

​خلص التقرير إلى أن السنة الجارية مثّلت “مرحلة مفصلية” لأسواق الصرف الإفريقية، نتيجة تفاعل جملة من العوامل، أهمها: القرارات النقدية المشددة لمواجهة التضخم، وتحسن تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، وعودة ثقة المستثمرين في عدد من الاقتصادات ذات الأداء القوي.

وتؤكد هذه المكاسب التي حققتها العملات الإفريقية متانة البنى المالية الوطنية في هذه البلدان، وتأثير الإصلاحات الهيكلية التي تم تسريع وتيرتها خلال السنتين الماضيتين.

بالنسبة للمغرب، فإن المرتبة الثانية التي حققها الدرهم تعكس نجاح الاستراتيجيات الاقتصادية التي تجمع بين الانفتاح التجاري، وضبط السياسات النقدية، والحفاظ على الاستقرار الكلي.

إدريس لكبيش/ Le12.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *