لا يعلم مدير التعاون الوطني أن عبد المنعم عاطي الله عميد المنتخب المغربي لمبتوري الأطراف ينتمي للقطاع، ولا يعير أحد انتباها لهذا اللاعب الذي أبهر الصحافة العالمية في تركيا خلال بطولة العالم لهذه الفئة التي لا تسلط عليها الأضواء إلا إذا تألقت في وقفة احتجاجية. 

لا يعلم المدير أن كثيرا من نجوم المنتخبات الوطنية أكلوا خبز وزيتون “خيريات” يشرف عليها التعاون الوطني، لذا تبدو الحاجة اليوم إلى تسخير الرياضة لإنهاء الهشاشة أو الحد منها.

أعرف كثيرا من لاعبي البطولة الوطنية يحتفظون في دواليبهم القديمة ببطاقات الانتماء لقطاع سخره محمد الخامس لانتشال الأشخاص الذين هزمهم القدر ذهابا وإيابا، من بركة الخصاص. 

لم يكرم التعاون الوطني يوما نجومه الذين صنعوا مجد الوطن، لأن فئة واسعة من مندوبيه منشغلون بتوزيع كعكة منح الدعم لا بثرواته اللامادية. فقد حصل عبد الإله شليف على الصفارة الذهبية كأفضل حكم إفريقي دون أن يسمع أحد صفيره، إلا زملاؤه في الخيرية الذين تقاسموا معه وجبات القطاني في زمن بالأبيض والأسود. 

في غمرة الأيام المتلاحقة يمضي الحزن والفرح والغضب والانشراح، وحين يستنطق أبناء الخيرية عبورهم في هذا الفضاء يصعب كبح سيول الدموع، لأنهم سقطوا من مفكرة مسؤولي القطاع الاجتماعي، حتى صورهم لا تزين الحيطان الرطبة لدور الرعاية.  

بالأمس احتفل العالم باليوم الدولي للقضاء على الفقر، مر اليوم مرور اللئام. من المفارقات العجيبة أن يسند لمسؤولين يسيرون بخطى ثابتة في درب التصنيف الوطني لأثرياء الوظيفة العمومية، مسؤولية مكافحة الفقر والتصدي للهشاشة. 

من العبث أن يتحدث منطوق بيان الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفقر، ويراهن على الكرامة كأساس لكافة الحقوق، بينما يدشن مدير التعاون الوطني مهامه على رأس قطاع اجتماعي بتخصيص مصعد خاص بسيادته لا “يمتطيه” باقي الموظفين والمترددين على بناية حسان، للمدير مصعد ولمئات الوافدين على الإدارة مصعد واحد، تحيا الكرامة والمساواة وتبا لقيم التعاون الوطني.   

لا يمكن أن نحارب فقر أبناء هذا الوطن، بسياسة التشوير، واستبدال أسماء قديمة بأخرى حديثة، حين تصبح الخيرية دارا للرعاية وتتغير “يافطة” دار المواطن لتحل محلها أخرى تحمل اسم المركز الاجتماعي للقرب، ويتحول مركز التربية والتشغيل إلى مركز للتربية والتكوين. لقد أغدقت الحكومة على القطاع ملايين الدعم مع توصية بصرفها في بناء الكرامة، لكن تقارير جطو كشفت خروج أموال الدعم عن سكتها وسجلت القضية ضد “معلوم”. 

نهمس في أذن القائمين على العمل الاجتماعي بوزارة التضامن وفي مديرية التعاون الوطني، بأن يعيدوا قراءة سيرة نجوم الرياضة العالميين، سيكتشفون أنهم مروا من معبر الفقر والحاجة، قبل أن تحولهم الرياضة إلى نجوم المجتمع. فقد كان ملك الكرة بيليه ماسحا للأحذية وجورج وياه بفضل كرة القدم تحول من طفل مشرد في ليبيريا إلى نجم عالمي توج بالكرة الذهبية ثم بات اليوم رئيسا لبلاده والقائمة تطول هؤلاء كانوا من أوساط فقيرة وأصبحوا نجوم بل أساطير تسير بذكرهم الركبان.

كلما تزامنت ذكرى يوم الفقراء مع عطلة نهاية الأسبوع، صرف المسؤولون النظر عن مذكرة تذكرهم بكلام مستنسخ من مذكرة العام الذي مضى. وإذا أقيم الحفل وانتصبت الخيام غاب الفقراء عن ندوات الفنادق المصنفة، فينصب السيد المندوب نفسه  محاميا للغلابة، بدون أتعاب، لا مانع في ذلك لكن شريطة احترام أبسط بنود ميثاق الترافع، واستحضار شعار لطالما كتب على حيطان الملاعب “شجع فريقك واحترم خصمك”.

لهؤلاء الذين يديرون قطاع التعاون والتضامن والتكافل، اعلموا أن الملك الراحل الحسن الثاني وصف العاملين في التعاون الوطني بجنود الخفاء قبل أن يتحول جنود الخفاء  إلى جنيرالات الجفاء.

* حسن البصري (كاتب /صحفي )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *