يكشف منير الأمني، الباحث في الشأن السياسي، حقائق مثيرة حول خلفيات مشاركة رئيس جماعة ينتمي الى حزب العدالة والتنمية، في مسيرة أيت بوكماز بمطالب وجيهة لكنها تطرح تساؤلات مشروعة.
*منير الأمني
لماذا لم يُبادر متزعم هذه المسيرة – التي ترفع مطالب لا يختلف اثنان على وجاهتها – بالاحتجاج طيلة السنوات العشر التي كان فيها حزبه يقود الحكومة؟.
أو خلال الخمس سنوات التي كان فيها ممثلاً للإقليم بمجلس النواب، من 2016 إلى 2021؟.
لماذا لم يصطحب معه حينها ساكنة جماعته، التي رافقها اليوم في المسيرة المتجهة لأزيلال، ليطرق بها أبواب رئيس الحكومة المنتمي إلى حزبه، ويطلعه على الأوضاع التي تعيشها جماعة آيت بوكماز؟.
ألم تكن وضعية الجماعة آنذاك أسوأ، أو على الأقل شبيهة بالوضعية التي يُحتج عليها اليوم؟.
ما الذي تغيّر؟ هل هناك معطى جديد طرأ فجأة يستدعي ما حصل اليوم؟
ثم، ماذا قدّم هذا الشخص فعلياً لجماعته التي ترأسها لأزيد من عشر سنوات، وفقاً لصلاحياته واختصاصاته؟.
علماً أن الجماعة تزخر بمؤهلات طبيعية وسياحية مهمة، كان من الممكن أن تتحول إلى نموذج تنموي محلي رائد، لكنها بقيت رهينة التهميش وسوء التدبير المحلي.
ومن جهة أخرى، يحق للمتابع أن يتساءل:
ما هي الاتفاقيات أو البرامج التي استطاع هذا الرئيس/البرلماني السابق جلبها لجماعته، وحزبه كان يدبّر الشأن الحكومي من خلال أهم القطاعات الوزارية؟.
هل وقّع اتفاقية لتأهيل البنية الطرقية مع عبد القادر عمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء آنذاك؟.
هل استثمر علاقته الحزبية لجلب برامج اجتماعية تدخل ضمن صلاحيات بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية؟.
هل سبق للجماعة أن نسّقت مع نجيب بوليف، كاتب الدولة المكلف بالنقل، فيما يتعلق باختصاصاته؟.
هل ساهم في دعم التعاونيات أو الصناع التقليديين، وهما قطاعان كانا تحت إشراف جميلة المصلي؟.
وماذا عن البرامج البيئية والتنمية المستدامة التي كانت من اختصاص نزهة الوافي، علماً أن الجماعة تتوفر على مؤهلات بيئية هائلة؟.
ودون أن نتحدث عن التشغيل، فمحمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، كان حينها منهمكاً في “مهام خاصة” خارج أرض الوطن.
هل سبق أن استدعى رئيس الحكومة ووزراءه لزيارة جماعة آيت بوكماز، حين كان برلمانياً، وكانوا هم في موقع التدبير؟.
طيب، لماذا لم يحتج على هذا الوضع الذي يعتبره اليوم “كارثياً”، حتى بعد أن فقد مقعده في البرلمان، وحزبه في المعارضة، قبل ثلاث سنوات؟ أو قبل سنتين؟ أو حتى قبل سنة؟.
ولماذا اختار هذا التوقيت بالضبط، في وقت لم يتبقَّ فيه سوى عام واحد على الاستحقاقات التشريعية؟.
هل الأمر بريء تماماً؟ أم أن هناك رهانات أخرى تُفسّر هذه “الاستفاقة المفاجئة”؟.
ومن زاوية أخرى، لماذا لم يلجأ إلى الآليات القانونية التي يكفلها له القانون التنظيمي للجماعات؟.
هل دعا إلى دورة استثنائية لمجلس جماعته لمناقشة هذه الوضعية “الطارئة”، ورفع من خلالها ملتمساً إلى الجهات المختصة وعمل على نقل الجلسة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثلا؟.
هل أصدر بلاغاً واحدا لتنوير الرأي العام طيلة حول وضعية جماعته ؟.
هل نظم ندوة صحفية يشرح فيها الإكراهات التي تعرفها جماعته؟.
ثم، لماذا قرر فجأة استهداف مجلس الجهة ورئيسه بالاحتجاج، وهو الذي كان على علاقة جيدة به إلى وقت قريب؟.
أليس هو من حضر معه حفل عشاء بأحد فنادق الجهة، وتبادل معه التحايا الحارة في مكتبه، بل وأشاد بتجاوبه؟ (الصور أسفله توثق ذلك).
فما الذي تغيّر؟ وما الذي استجد؟.
وماذا وقع في الكواليس حتى تحوّل خطاب الودّ إلى حملة احتجاجية… أو انتخابية؟.
*باحث في الشأن السياسي
