كشف الباروميتر العربي، وهو شبكة بحثية تدرس الاتجاهات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي، عن ارتفاعا مؤشر ثقة المغاربة في الديمقراطية، وذلك من خلال نتائج استطلاع رأي عن “الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
وأظهرت نتائج الدورة الثامنة من هذا الاستطلاع أن ثقة المواطنين المغاربة في الديمقراطية تتعزز بشكل لافت، لكن بنظرة نقدية تتجاوز الشعارات والإجراءات الشكلية.
وكشف الاستطلاع، الذي شمل أكثر من 15 ألف مقابلة وجها لوجه في ثماني دول بالمنطقة، أن 73 بالمائة من المغاربة يعتبرون الديمقراطية النظام الأفضل، وهي نسبة تُسجّل ارتفاعًا ملحوظًا بمقدار 19 نقطة مئوية مقارنة باستطلاع عام 2021.
ولا يقتصر هذا الارتفاع على التفضيل العام للديمقراطية، بل يشمل أيضًا ما يُعرف بـ”الالتزام الحصري”، أي الاعتقاد بأن الديمقراطية هي النظام الوحيد الصالح.
إذ ارتفعت نسبة من يتبنون هذا الموقف في المغرب بـ16 نقطة مئوية خلال الفترة ذاتها، ما يُشير إلى تحوّل نوعي في الوعي السياسي، وارتفاع سقف التوقعات الشعبية من الأنظمة السياسية.
ووفق الاستطلاع نفسه، يرى 41 بالمائة من المغاربة أن النظم غير الديمقراطية قد تكون أفضل، وهي نسبة لا يمكن إغفالها، إذ تعكس وجود شكوك مستمرة في قدرة الديمقراطية على تحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي.
كما لم تسجل آراء المواطنين حول قدرة النظام الديمقراطي على ضمان الأمن تحسّنًا يُذكر مقارنة باستطلاع 2021-2022، ما يعني استمرار تخوفات مرتبطة بالأمان الشخصي.
وفي المقابل، سجّل المغرب تحسنًا في بعض المؤشرات المرتبطة بنظرة الناس لأداء الديمقراطية، وتراجعت نسبة من يربطونها بضعف الأداء الاقتصادي بـ7 نقاط مئوية، وتراجعت نسبة من يعتبرونها نظامًا غير حاسم في اتخاذ القرارات بـ5 نقاط مئوية، وهي إشارات إيجابية على استعادة بعض الثقة في فعالية هذا النموذج رغم تحديات الواقع.
وتُظهر النتائج أن المغاربة، شأنهم شأن باقي شعوب المنطقة، لا ينظرون إلى الديمقراطية باعتبارها مسألة إجراءات انتخابية فقط، بل يربطونها بالنتائج الملموسة: العدالة، الكرامة، توفير الخدمات، وضمان الحريات.
ويُعدّ هذا التحوّل في تعريف الديمقراطية – من النموذج الإجرائي إلى النموذج القائم على الأداء – أحد أبرز خلاصات استطلاع الباروميتر العربي.
