الرباط: جواد مكرم

 

رغم مرور علاقة المجلس الجماعي لبلدية الرباط، برئاسة العمدة محمد الصديقي من حزب العدالة والتنمية، بالسلطة المحلية، بـ”شهر عسل”، فإن ذلك لم يحل دون مواصلة رئاسة المجلس، قيادةَ بلدية العاصمة نحو الارتطام بـ”سور الداخلية العظيم”، بسب خروج العُمدة من “عجز” ودخوله في آخر.

مناسبة هذا الكلام، وفق معطيات خاصة توصلت إليها صحيفة “le12.ma”، هي حالة الاستنفار التي أحدثها عجز بلدية الصديقي، عن الوفاء بالتزاماتها تجاه تسديد دفعات قرض ضخم سبق أن استفادت منه لتأمين مساهمتها في تمويل المشروع الملكي”الرباط.. مدينة الأنوار”، وتسديد متأخرات قرض سابق بقيمة 520 مليون درهم عجزت الجماعة عن أداء مستحقاته لصندوق التجهيز الجماعي.

ودفع فشل العديد من الإجراءات التي باشرتها مديرية صندوق التجهيز الجماعي، لحمل بلدية الرباط على الوفاء بتأدية أقساط  بقيمة 70 مليون درهم، من مستحقات الدين الأول والثاني، بعمر لحلو، الوالي المدير العام للصندوق، إلى المطالبة أخيرا، باجتماع طارئ للنظر في هذا الملف.

ويسعى الوالي لحلو، وفق معطيات صحيفة “le12.ma”،للاجتماع، بجميع الأطراف ذات الصِّلة بالموضوع، كالوالي سفير المدير العام للمديرية العامة للجماعات المحلية، ومحمد اليعقوبي والي جهة الرباط، والعامل حمزة بلكبير، مدير المالية المحلية بوزارة الداخلية وغيرهم.

وتشير المعطيات ذاتها إلى أن هذا الاجتماع المرتقب إنعقاده خلال الساعات القليلة القادمة، أمامه سيناريوهان لا ثالث لهما، سيكون معهما التدبير الحالي للعمدة الصديقي ومن معه قد رهن الأصول العقارية لبلدية الرباط لدى الـ”FEC”، وورّط مستقبل المجالس القادمة، في مديونية ثقيلة وطويلة الأمد.

السيناريو الأول، وفق ما توضح المعطيات المتوفرة، هو إعادة جدولة الدين بضمانة مُجددة بالأداء من المديرية العامة للجماعات المحلية، والسيناريو الثاني هو شروع صندوق التجهيز الجماعي، المعروف إختصارا بإسم الـ”FEC”، في التصرف في الأصول العقارية المملوكة لبلدية الرباط، والتي جرى تقديمها كضمانة للقرض، وإن كان هذا السيناريو مستبعدا في الوقت الحالي.

ويعود فشل بلدية العمدة الصديقي في تسديد مستحقات الدين في موعدها، بقيمة 70 مليون درهم على مدى 15 سنة، بحسب مصدر من فريق المعارضة، فضلا عن ضعف المجلس والرئاسة، إلى العديد من الأسباب، لعل من أهمها، أولا “المبالغة في الدين المقترض”، ثانيا “التهاون في تحصيل الباقي استخلاصه المعول عليه لتسديد القرض”، ثالثا “تراجع مداخيل الجماعة”..

الوزير المنتدب في الداخلية يتوسط الوالي سفير والوالي لحلو
الوزير المنتدب في الداخلية يتوسط الوالي سفير والوالي لحلو

وذكّر مصدرنا بمخاطر اللجوء إلى هذا الدين، التي كانت المعارضة، قد حذرت منها حين دعت إلى اللجوء إلى آليات أخرى لتنفيذ التزامات الجماعة تجاه المشروع الملكي “الرباط.. مدينة الأنوار”، لكن الأغلبية يقول ذات المصدر، مررت هذا القرار في دورة استثنائية وقدمت لأجله ضمانات عبارة عن أصول عقارية في ملكية بلدية الرباط، تفوق قيمة القرض الثاني المقدر بـ 600 مليون درهم.

وتعود قصة اقتراض بلدية الرباط لهذا القرض، عندما عجزت هذه الأخيرة، عن الوفاء بالتزاماتها تجاه تنزيل المشروع الملكي “الرباط.. عاصمة الأنوار”، عبر أداء مساهمتها في شركة “الرباط للتهيئة” المقدرة بـ30 بالمائة من أسهم هذه الشركة، ما دفع العمدة محمد الصديقي، بداية يناير 2018، إلى عقد دورة استثنائية للمجلس الجماعي للعاصمة، لتمرير الحل الجاهز وهو الاقتراض.

فريق الأصالة والمعاصرة في مجلس بلدية الرباط، بعدما أكد حينذاك دعمه لمساهمة الجماعة في تنزيل المشروع الملكي “الرباط.. عاصمة الأنوار”، لكن  دون إقتراض، أخذا بالمخاطر التي نبه إليها عرض في الموضوع لتجمعي سعد بنمبارك، إنتقد سوء تدبير العمدة “البيجيداوي” للجماعة، الذي أدى إلى رهن مستقبل المجالس المقبلة وعقارات الجماعات، في قرض ثقيل.

وكان الملك محمد السادس قد ترأس، يوم 12 ماي 2014، حفل إطلاق عدد من المشاريع المهيكلة الرامية إلى تحقيق التنمية الحضرية والسياحية لعاصمة المملكة، والتي رُصدت لها استثمارات تفوق 18 مليار درهم.

وأشرف الملك على إطلاق البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط 2014  -2018 “الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية” ومشروع “وصال بو رقراق” والمسرح الكبير للرباط. وجرى إعداد برنامج “الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية” (9,495 مليار درهم) تنفيذا للتوجيهات الملكية الرامية إلى تطوير النسيج الحضري لمختلف مدن المملكة، وفق رؤية متناغمة ومتوازنة.

ويمتد هذا البرنامج على خمس سنوات، لتمكين العاصمة الإدارية للمملكة من الارتقاء إلى مصاف كبريات الحواضر العالمية، إذ يرتكز على أربعة محاور أساسية، هي تثمين الموروث الثقافي والحضاري للمدينة، والحفاظ على الفضاءات الخضراء والبيئة، وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية للقرب، ودعم الحكامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *